﴿وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ﴾ [النساء: ٧٣] فتح ونصر وغنيمة، ليقولن: هذا المنافق قول نادم حاسد: ﴿يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ﴾ [النساء: ٧٣] لأسعد بمثل ما سعدوا به من الغنيمة.
وقوله: ﴿كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ﴾ [النساء: ٧٣] متصل في النظم بقوله: ﴿قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ﴾ [النساء: ٧٢] كأن لم تكن بينكم وبينه مودة.
قال ابن الأنباري: كأن لم يعاقدكم على الإسلام، ولم يبايعكم على الصبر والثبات فيه على ما ساء وسر.
وقرئ: تكن بالياء والتاء، فالتأنيث على الأصل، والتذكير يحسن إذا كان التأنيث غير حقيقي سيما إذا وقع فاصل بين الفعل والفاعل.
وقوله: ﴿فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٧٣] قال مقاتل: آخذ نصيبا وافرا، وإنما قال هذا حرصا على الدنيا، وميلا إليها ولا رغبة في الثواب.
ولما ذم الله تعالى المنافق بالاحتباس عن الجهاد، أمر المؤمنين بالقتال فقال سبحانه: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ﴾ [النساء: ٧٤] أي: يبيعون، يقال: شريت.
بمعنى: بعت.
والمعنى: أنهم يختارون الجنة على البقاء في الدنيا، فيجاهدون طلبا للشهادة في سبيل الله، ﴿وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ﴾ [النساء: ٧٤] شهيدا أو يغلب فينظر ويقتل هو، فكلاهما سواء في الثواب، وهو قوله ﴿فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٧٤]، قال ابن عباس: ثوابا لا صفة له.
قوله جل جلاله: ﴿وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٧٥] قال المفسرون: هذا حض من الله تعالى على الجهاد في سبيله لاستنقاذ المؤمنين من أيدي المشركين.
والمعنى: لا عذر لكم في ترك القتال في سبيل الله، وفي المستضعفين من الرجال والنساء والولدان،


الصفحة التالية
Icon