يَقُولُ: «وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا كَمَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَا يَرْجِعُ»
وقوله: ﴿وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا﴾ [النساء: ٧٧] قال ابن عباس: لا ينقصون من ثواب أعمالهم فتيل النواة.
ثم أعلمهم أن آجالهم لا تخطئهم ولو تحصنوا بأمنع الحصون، فقال: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ [النساء: ٧٨] أي: في حصون وقصور مطولة رفيعة، وقال السدي، وقتادة: يعني بروج السماء الاثني عشر، يقال: شاد بناءه وأشاده وشيده.
إذا رفعه.
وقوله: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ﴾ [النساء: ٧٨] إلى قوله: من عندك هذا من قول اليهود والمنافقين عند مقدم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، وكان قد بسط عليهم الرزق، فلما كفروا أمسك عنهم بعض الإمساك، فقالوا: ما رأينا أعظم شؤما من هذا، نقصت ثمارنا، وغلت أسعارنا منذ قدم علينا هذا الرجل وأصحابه.
فذلك قوله: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ﴾ [النساء: ٧٨] يعني: الخصب ورخص الأسعار ﴿يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ﴾ [النساء: ٧٨] جدب وغلاء الأسعار قالوا هذه من عندك: من شؤم محمد، ﴿قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٧٨].
قال ابن عباس: أما الحسنة فأنعم الله بها عليك وأما السيئة فابتلاك بها، ﴿فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٧٨] لا يفهمون القرآن وتأويله فيؤمنوا ويعلمون أن الحسنة والسيئة من عند الله.
قوله عز وجل: ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ﴾ [النساء: ٧٩] قال ابن عباس في رواية عطاء: ما أصابك من حسنة يوم بدر من النصر والغنيمة، ﴿فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ﴾ [النساء: ٧٩] يوم أحد من القتل والهزيمة، فمن نفسك فبذنبك.