أُصَوِّرُ؟ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ أَجَمِيلٌ أَمْ دَمِيمٌ؟ أَجَعْدٌ أَمْ سَبْطٌ؟ أَقَصِيرٌ أَمْ طَوِيلٌ؟ أَبْيَضٌ أَمْ آدَمُ؟ زَائِدٌ أَمْ نَاقِصٌ؟ أَسَوِيٌّ أَمْ غَيْرُ سَوِيٍّ؟ فَيَكْتُبُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَأْمُرُه اللَّهُ بِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَإِنْ كَانَ سَعِيدًا نَفَخَ فِيهِ بِالسَّعَادَةِ فِي آخِرِ أَجَلِهِ، وَإِنْ كَانَ شَقِيًّا نَفَخَ فِيهِ بِالشَّقَاوَةِ فِي آخِرِ أَجَلِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: اكْتُبْ أَثَرَهَا وَرِزْقَهَا وَمُصِيبَتَهَا وَعَمَلَهَا بِالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ، فَسَيَكْتُبُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ، ثُمَّ يَقُولُ الْمَلَكُ: يَا رَبِّ، مَا أَصْنَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ؟ فَيَقُولُ: عَلِّقْهُ فِي عُنُقِهِ إِلَى قَضَائِي عَلَيْهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ الآيَةَ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مُجَاهِدٌ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْهُ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُظْهِرَ لَهُ ذَلِكَ الْكِتَابُ، فَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾، وَقَالَ الْحَسَنُ: يَابْنَ آدَمَ، بَسَطْتُ لَكَ صَحِيفَةً وَوُكِّلَ بِكَ مَلَكَانِ، فَهُمَا عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ؛ فَأَمَّا الَّذِي عَنْ يَمِينِكَ فَيَحْفَظُ حَسَنَاتِكَ، وَأَمَّا الَّذِي عَنْ شِمَالِكَ فَيَحْفَظُ سَيِّئَاتِكَ، حَتَّى إِذَا مِتَّ طُوِيَتْ صَحِيفَتُكَ وَجُعِلَتْ مَعَكَ فِي قَبْرِكَ حَتَّى تَخْرُجَ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وهو قوله: ﴿كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا﴾ [الإسراء: ١٣] كقوله: ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴾ [التكوير: ١٠] وقرأ ابن عامر يلقاه من قولهم: لقيت فلانا، أي استقبلته به، قال الله تعالى: ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا﴾ [الإنسان: ١١].
قوله: اقرأ كتابك أي يقال له: اقرأ، والقول ههنا مضمر، قال الحسن: يقرأه أميا كان أو غير أمي.
وقال قتادة: سيقرأ يومئذ من لم يكن قارئا.
﴿كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ [الإسراء: ١٤] الحسيب المحاسب كالشريك والجليس، قال الحسن: عدل والله عليك من جعلك حسيب نفسك.
والمعنى أن الإنسان يفوض إليه حسابه ليعلم عدل الله بين العباد، ويرى وجوب حجة الله عليه، واستحقاقه العقوبة، ثم إن كان مؤمنا دخل الجنة بفضل الله لا بعلمه، وإن كان كافرا استوجب النار بكفره.
قوله: ﴿مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا {١٥﴾ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴿١٦﴾ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴿١٧﴾ } [الإسراء: ١٥-١٧] ﴿مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ﴾ [الإسراء: ١٥] أي: ثواب اهتدائه لنفسه ﴿وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا﴾ [الإسراء: ١٥] على نفسه عقوبة ضلاله، ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الإسراء: ١٥] قال ابن عباس: إن الوليد بن المغيرة قال: اتبعوني، وأنا أحمل أوزاركم.
فقال الله تعالى: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الإسراء: ١٥] قال الزجاج: أي أن الآثم والمذنب لا يؤاخذ بذنب غيره.
﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا﴾ [الإسراء: ١٥] قال قتادة: إن الله ليس معذبا أحدا حتى يبين له


الصفحة التالية
Icon