﴿فَتَسْتَجِيبُونَ﴾ [الإسراء: ٥٢] تجيبون، ﴿بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء: ٥٢] قال سعيد بن جبير: يخرجون من قبورهم، ويقولون: سبحانك وبحمدك، ولا ينفعهم فِي ذلك اليوم لأنهم حمدوا حين لا ينفعهم الحمد.
﴿وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا﴾ [الإسراء: ٥٢] وتعلمون ما لبثتم فِي الدنيا إلا قليلا، قال الحسن، وقتادة: استقصروا مدة لبثهم مع ما يعلمون من طول لبثهم فِي الآخرة.
ومن المفسرين من يذهب إلى أن هذه الآية خطاب للمؤمنين، لأنهم يستجيبون الله بحمده، ويحمدونه على إحسانه إليهم، ويستقلون مدة لبثهم فِي البرزخ لأنهم كانوا غير معذبين.
وقوله: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [الإسراء: ٥٣] قال الكلبي: كان المشركون يؤذون أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة، فيقولون: يا رسول الله، ائذن لنا فِي قتالهم.
فيقول لهم: إني لم أومر فيهم بشيء.
فأنزل الله هذه الآية، والمعنى: قل لعبادي المؤمنين يقولوا للكافرين الكلمة التي هي أحسن، قال الحسن: يقولون له: يهديك الله.
إن الشيطان هو الذي يفسد بينهم لأنه عدو للإنسان ظاهر العداوة.
﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ﴾ [الإسراء: ٥٤] بالإنجاء من كفار مكة، وينصركم عليهم، ﴿أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ﴾ [الإسراء: ٥٤] بتسليطهم عليكم، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلا﴾ [الإسراء: ٥٤] حافظا وكفيلا، أي وما وكل إليهم إيمانهم، إن شاء هداهم وإن شاء خذلهم.
﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الإسراء: ٥٥] قال ابن عباس: لأنه خلقهم، فهدى بعضهم وأضل بعضهم على علم منه بهم، وكذلك تفضيل النبيين بعضهم على بعض، كان عن حكمة وعلم، وهو قوله: ﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ﴾ [الإسراء: ٥٥] قال قتادة: اتخذ الله إبراهيم خليلا، وكلم موسى تكليما، وجعل عيسى كلمته وروحه، وآتى سليمان ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وآتى داود زبورا، وغفر لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
وقوله: ﴿وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا﴾ [الإسراء: ٥٥] قال الزجاج: أي فلا تنكروا تفضيل محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإعطاءه القرآن، فقد أعطى الله داود الزبور.
وقال قتادة: كنا نحدث أنه تحميد وتمجيد لله، ليس فِيهِ حلال ولا حرام، ولا فرائض ولا حدود.
﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلا {٥٦﴾ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴿٥٧﴾ } [الإسراء: ٥٦-٥٧] قوله: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ [الإسراء: ٥٦] الآية، قال المفسرون: ابتلى الله قريشا وأهل مكة بالقحط سنين، فشكوا ذلك إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنزل الله هذه الآية.
والمعنى: قل للمشركين ادعوا الذين ادعيتم كذبا أنهم آلهة، ثم أخبر عن الآلهة، فقال: ﴿فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ﴾ [الإسراء: ٥٦] يعني البؤس والشدة، ولا تحويلا التحويل النقل من حال إلى حال، ومن


الصفحة التالية
Icon