والمبصرة البينة، أراد آية مبصرة، أي مضيئة.
وهذا كقوله: ﴿وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً﴾ [الإسراء: ١٢]، وقوله فظلموا بها أي: ظلموا أنفسهم بتكذيبها، وقد يكون الظلم الجحد كقوله: ﴿بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ﴾ [الأعراف: ٩] أي يجحدون، ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ﴾ [الإسراء: ٥٩] أي: العبر والدلالات، إلا تخويفا للعباد ليتعظوا ويخافوا.
قوله: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ﴾ [الإسراء: ٦٠] أي: فهم فِي قبضته وهو محيط بهم بالعلم والقدرة، قال قتادة: يمنعك من الناس حتى تبلغ رسالة ربك.
وقال الحسن: حال بينهم وبين أن يقتلوك كما قال: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [المائدة: ٦٧].
وقوله: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴾ [الإسراء: ٦٠] يعني ما أراه الله ليلة الإسراء، وكانت رؤيا يقظة، لا رؤيا منام، وهذا قول سعيد بن جبير، وأبي مالك، والسدي، ومجاهد، وقتادة، والحسن، والضحاك، وابن زيد، وابن عباس فِي رواية عكرمة، قال: هي رؤيا عين أريها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة أسري به فِي بيت المقدس، وذلك أنه ارتد بعضهم حين أعلمهم قصة الإسراء، فأنكروا وكذبوا، وازداد المؤمنون المخلصون إيمانا، وكانت تلك الرؤيا فتنة للناس.
وقوله: ﴿وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْءَانِ﴾ [الإسراء: ٦٠] هذا على التقديم والتأخير، والتقدير وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة فِي القرآن إلا فتنة للناس، وهي شجرة الزقوم، وكانت الفتنة فِيها ما قال قتادة: خوف الله تعالى بها عباده، ففتنوا بذلك حتى قال أبو جهل: زعم صاحبكم أن فِي النار شجرا، والنار تأكل الشجر.
وقال ابن الزبعري: ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد.
قال الزجاج: والعرب تقول لكل طعام مكروه وضار:


الصفحة التالية
Icon