هذه الآية.
وكان فِي إعطائهم ما سألوا مخالفة لحكم القرآن، لذلك قال: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ﴾ [الإسراء: ٧٣] لتختلق علينا غير ما أوحينا إليك، وهو قولهم: قل الله أمرني بذلك.
﴿وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلا﴾ [الإسراء: ٧٣] لو فعلت ما أرادوا.
﴿وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ﴾ [الإسراء: ٧٤] على الحق بعصمتنا إياك، لقد كدت هممت وقاربت، تركن إليهم أي: تميل شيئا قليلا، عبارة عن المصدر، أي: ركونا، قال ابن عباس: يريد حيث سكت عن جوابهم، والله أعلم بنيته.
ثم توعده على ذلك لو فعله ﴿إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾ [الإسراء: ٧٥] أي: ضعف عذاب الحياة، وضعف عذاب الممات، يريد عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، أي: ضعف ما يعذب به غيره، قال ابن عباس: ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معصوم، ولكن هذا تخويف لأمته، لئلا يركن أحد من المؤمنين إلى أحد من المشركين فِي شيء من أحكام الله وشرائعه.
قوله: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ﴾ [الإسراء: ٧٦] قال قتادة: هم أهل مكة بإخراج نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منها، ولو فعلوا ذلك ما نوظروا، ولكن الله كفهم عن ذلك حتى أمره بالخروج.
والمعنى أنهم قاربوا أن يزعجوك من أرض مكة ﴿لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ﴾ [الإسراء: ٧٦] وخلفك أي: بعدك، يعني بعد خروجك، وخلافك بمعنى خلفك، كقوله تعالى: ﴿بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٨١] وقوله: إلا قليلا أي: لو أخرجوك لاستأصلناهم بعد خروجك بمدة يسيرة، كسنتنا فِي من قبلهم، وهو قوله: ﴿سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا﴾ [الإسراء: ٧٧] قال سفيان بن عيينة: يقول: لم نرسل قبلك رسولا فأخرجه قومه إلا أهلكوا.
وقال الزجاج: إن سنتنا هذه السنة فِي من أرسلنا قبلك إليهم، أنهم إذا أخرجوا نبيهم من بين أظهرهم، أو قتلوه، أن ينزل العذاب بهم.
وقوله: ﴿وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلا﴾ [الإسراء: ٧٧] أي: ما أجرى الله به العادة لم يتهيأ لأحد أن يقبلها، قال ابن عباس: لا خلف لسنتي ولا لقضائي ولا لموعدي.
قوله: ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا {٧٨﴾ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴿٧٩﴾ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا ﴿٨٠﴾ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴿٨١﴾ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا ﴿٨٢﴾ } [الإسراء: ٧٨-٨٢] ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء: ٧٨] دلوك الشمس زوالها وميلها فِي وقت الظهر، وكذلك ميلها للغروب هو دلوكها أيضا، قال المبرد: دلوك الشمس من لدن زوالها إلى غروبها عند العرب.
والمفسرون مختلفون فِيهِ، فقوم يقولون: دلوكها زوالها، وهو قول الحسن، والشعبي، وعطاء، ومجاهد، وقتادة.
وقال قوم: دلوكها غروبها، وهو قول ابن مسعود، وعلي، والسدي، وابن عباس، فِي رواية سعيد بن جبير.
قال الأزهري: معنى الدلوك