وقوله: ﴿نَافِلَةً لَكَ﴾ [الإسراء: ٧٩] معنى النافلة فِي اللغة ما كان زيادة على الأصل، وصلاة الليل كانت زيادة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصة، لرفع الدرجات لا للكفارات، لأنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وليست لنا بنافلة.
وهذا قول جميع المفسرين، قوله: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩] قال ابن عباس: عسى من الله واجبة، يريد أعطاك الله يوم القيامة مقاما محمودا يحمدك فِيهِ الأولون والآخرون، تشرف على جميع الخلائق، وتسأل فتعطى، وتشفع فتشفع، وليس أحد إلا تحت لوائك.
وإجماع المفسرين على أن المقام المحمود هو مقام الشفاعة، ومعنى يبعثك ربك مقاما: يقيمك فِي ذلك المقام.
٥٥٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، نا عَبْدَانُ الْجَوَالِيقِيُّ، نا أَبُو بَكْرٍ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نا وَكِيعٌ، عَنْ إِدْرِيسَ الأَوْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ الشَّفَاعَةُ
٥٥١ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ، أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ، نا الْفَضْلُ بْنُ الْخَصِيبِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الرَّازِيُّ، نا أَبُو أُسَامَةَ، نا دَاوُدُ الأَوْدِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾، قَالَ: هُوَ الْمَقَامُ الَّذِي أُشَفَّعُ فِيهِ لأُمَّتِي
قوله ﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ [الإسراء: ٨٠] روى قابوس بن أبي ظبيان، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة، ثم أمر بالهجرة، فنزلت عليه هذه الآية.
والمعنى: ادخلني المدينة، وأخرجني من مكة، والمدخل والمخرج بمعنى المصدر، وإضافتهما إلى الصدق مدح لهما، وكل شيء أضفته إلى الصدق فهو مدح، نحو قوله: ﴿قَدَمَ صِدْقٍ﴾ [يونس: ٢]، ﴿مَقْعَدِ صِدْقٍ﴾ [القمر: ٥٥]، ﴿وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا﴾ [الإسراء: ٨٠] حجة بينة تنصرني بها على جميع من خالفني.
قوله: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ﴾ [الإسراء: ٨١] قال السدي: الحق الإسلام، والباطل الشرك.
وقال قتادة: الحق القرآن، والباطل الشيطان.
ومعنى زهق: بطل واضمحل، وكل شيء هلك وبطل فقد زهق.
٥٥٢ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُطَّوِّعِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْحِيرِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، نا أَبُو خَيْثَمَةَ، نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَكَّةَ وَحَوْلَ الْبَيْتِ ثَلاتُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا، وَيَقُولُ: جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ،