لأنها كلها تبقى منتفعا بها، ومثل الكافر وكفره، كمثل هذا الزبد الذي يذهب جفاء، وكمثل خبث الحديد، وما يخرجه الناس من وسخ الفضة والذهب الذي لا ينتفع به.
قوله: ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ﴾ [الرعد: ١٨] أي: أجابوه إلى ما دعاهم إليه من توحيده وشريعته، الحسنى الجنة، ﴿وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ﴾ [الرعد: ١٨] إلى قوله: ﴿لافْتَدَوْا بِهِ﴾ [الرعد: ١٨] أي: لجعلوه فداء أنفسهم من العذاب، وقوله: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ﴾ [الرعد: ١٨] قال المفسرون: هو ألا يقبل منهم حسنة، ولا يتجاوز عن سيئة.
٤٩٠ - أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، أنا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّوفِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: يَا فَرْقَدُ، أَتَدْرِي مَا سُوءُ الْحِسَابِ؟ قَالَ: قُلْتُ: لا.
قَالَ: هُوَ أَنْ يُحَاسَبَ الْرَجُلُ بِذَنْبِهِ كُلِّهِ، لا يُغْفَرُ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ.
﴿أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ {١٩﴾ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ﴿٢٠﴾ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴿٢١﴾ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ﴿٢٢﴾ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ﴿٢٣﴾ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴿٢٤﴾ وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴿٢٥﴾ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ ﴿٢٦﴾ } [الرعد: ١٩-٢٦] قوله: ﴿أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى﴾ [الرعد: ١٩] قال ابن عباس: نزلت في حمزة، وأبي جهل.
يعني: أن أبا جهل أعمى القلب، لا يهتدي إلى طريق الرشد، ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ﴾ [الرعد: ١٩] يتعظ ويتذكر ما رغب فيه من الجنة، أولو الألباب قال ابن عباس: يريد المهاجرين والأنصار.
ثم وصفهم، فقال: ﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ﴾ [الرعد: ٢٠] قال: يريد الذين عاهدهم عليه في صلب آدم.
﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ [الرعد: ٢١] يعني: الأرحام، وقال ابن عباس: يعني الإيمان بجميع الرسل.
وهو أن يصل بينهم بالإيمان بالجميع، كما أخبر عن المؤمنين في قولهم: ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ [البقرة: ٢٨٥].