والمفسرون: يعني فناء الكهف.
قال أبو عبيدة، وأبو عبيد: الوصيد فناء البيت.
﴿لَوِ اطَّلَعْتَ﴾ [الكهف: ١٨] أي أشرفت، ﴿عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا﴾ [الكهف: ١٨] لأدبرت وانقلبت، ﴿وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا﴾ [الكهف: ١٨] فزعا وخوفا، وذلك أن الله تعالى منعهم بالرعب لئلا يدخل عليهم أحد.
٥٦٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحِيرِيُّ، أنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، نا أَبُو بَكْرٍ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ غَزَا مَعَ مُعَاوِيَةَ غَزْوَةَ الْمَضِيقِ نَحْوَ الرُّومِ، فَمَرُّوا بِالْكَهْفِ الَّذِي فِيهِ أَصْحَابُ الْكَهْفِ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ، تَعَالَى، فِي الْقُرْآنِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَوْ كُشِفَ لَنَا عَنْ هَؤُلاءِ، فَنَظَرْنَا إِلَيْهِمْ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ وَقَدْ مَنَعَ اللَّهُ ذَلِكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، فَقَالَ: ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا﴾ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لا أَنْتَهِي حَتَّى أَعْلَمَ عِلْمَهُمْ، فَبَعَثَ رِجَالا، فَقَالَ: اذْهَبُوا فَادْخُلُوا الْكَهْفَ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ رِيحًا فَأَخْرَجَتْهُمْ
وفي قوله: ولملئت قراءتان: التشديد والتخفيف، والاختيار التخفيف، لأنهم يقولون: ملأني رعبا.
ولا يكادون يقولون: ملَّأني.
قوله: ﴿وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا {١٩﴾ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ﴿٢٠﴾ وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴿٢١﴾ } [الكهف: ١٩-٢١] وَكَذَلِكَ أي: وكما فعلنا بهم ما ذكر، بعثناهم أحييناهم من تلك النومة التي تشبه الموت، ليتساءلوا بينهم ليكون بينهم تساؤل وتنازع واختلاف فِي مدة لبثهم، ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ﴾ [الكهف: ١٩] كم مر علينا منذ دخلنا هذا الكهف؟ ﴿قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ [الكهف: ١٩] قال المفسرون: إنهم دخلوا الكهف غدوة، وبعثهم الله تعالى فِي آخر النهار.
ولذلك قالوا: يوما، فلما رأوا الشمس قالوا: ﴿أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ [الكهف: ١٩]، وكان قد بقي من النهار بقية، ﴿قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ﴾ [الكهف: ١٩] قال ابن عباس: هو تمليخا رئيسهم، رد علم ذلك إلى الله.
﴿فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ﴾ [الكهف: ١٩] الورق الفضة، مضروبة وغير مضروبة.
يقال: وَرِقٌ وَوَرْقٌ، وإنما قال هذه لأنه عنى بالورق الدراهم أو الفضة، قال ابن عباس: وكانت معهم دراهم عليها صورة الملك الذي كان فِي زمانهم.