جعلناه غافلا عن القرآن والإسلام وكلمة التوحيد والإسلام، وروى الضحاك، عن ابن عباس فِي قوله: ﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ﴾ [الكهف: ٢٨] قال: نزلت فِي أميه بن خلف الجمحي، وذلك أنه دعا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أمر كرهه الله من طردا الفقراء عنه، وتقريب صناديد أهل مكة، فأنزل الله تعالى ﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا﴾ [الكهف: ٢٨] يعني من ختمنا على قلبه عن التوحيد، واتبع هواه قال: يعني الشرك.
﴿وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: ٢٨] قال مجاهد: ضياعا.
وقال السدي: هلاكا.
وأمر فرط: متهاون به، مضيع أصله من التفريط، وهو تقديم العجز.
قال الزجاج: ومن قدم العجر فِي أمره أضاعه الله وأهلكه.
ومعنى هذا أنه ترك الإيمان والاستدلال بآيات الله واتبع الهوى، وقال الليث: الفرط الأمر الذي يفرط فِيهِ، تقول: كان أمر فلان فرط.
ثم أمره بما يقول لهؤلاء الذين أمروه بتنحية الفقراء، وإدناء مجلسهم، ليؤمنوا به، فقال: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الكهف: ٢٩] أي: هذا الحق من ربكم، قال قتادة: يعني القرآن.
وقال الزجاج: أي الذي أتيتكم به الحق من ربكم.
يعني لم آت به من قبل نفسي، وإنما أتيتكم به من عند الله، ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: ٢٩] قال مجاهد، والسدي: هذا وعيد من الله تعالى، وإنذار.
وقد بين بعده ما لكل فريق من مؤمن وكافر، فقال: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا﴾ [الكهف: ٢٩] أي: هيأنا وأعددنا لمن عبد غير الله نارا، ﴿أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾ [الكهف: ٢٩] السرادق كل ما أحاط بالشيء واشتمل عليه من ثوب أو حائط.
٥٦٧ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُطَّوِّعِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ الْحِيرِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، نا زُهَيْرٌ، نا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، نا ابْنُ لَهِيعَةَ، نا دَرَّاجٌ أَبُو السَّمْحِ، أَنَّ أَبَا الْهَيْثَمِ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «سُرَادِقُ النَّارِ أَرْبَعَةُ جُدُرٍ، كِثَفُ كُلِّ جِدَارٍ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً»، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ وَرَاءَ هَذِهِ الْجُدُرِ، وَهِيَ مُحِيطَةٌ بِهِمْ ﴿وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا﴾ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ وَشِدَّةِ الْعَطَشِ ﴿يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ﴾، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْوَالِبِيِّ وَالْعَوْفِيِّ: كَدُرْدِيِّ الزَّيْتِ، وَهُوَ تَفْسِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فيما:
٥٦٨ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، نا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قَوْلِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ: ﴿بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ﴾ كَعَكَرِ الزَّيْتِ، فَإِذَا قَرَّبَهُ إِلَيْهِ؛ سَقَطَ فَرْوَةُ وَجْهِهِ فِيهِ
وروى قتادة، والحسن، عن ابن مسعود، " أنه