شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي الأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴿٣٣﴾ لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ﴿٣٤﴾ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ ﴿٣٥﴾ } [الرعد: ٢٧-٣٥] قوله: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ [الرعد: ٢٧] نزلت في أهل مكة حين طالبوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالآيات، ﴿قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ﴾ [الرعد: ٢٧] قال ابن عباس: يريد عن دينه.
يعني: كما أضلكم بعدما أنزل من الآيات وحرمكم الاستدلال بها، ﴿وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ﴾ [الرعد: ٢٧] رجع إلى الحق، وإنما يرجع إلى الحق من يشاء الله، فكأنه قال: ويهدي إليه من يشاء.
كما قال في آيات: ﴿وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [يونس: ٢٥].
قوله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الرعد: ٢٨] بدل من قوله: من أناب المعنى: يهدي إليه الذين آمنوا، ﴿وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٢٨] إذا سمعوا ذكر الله أحبوه، واستأنسوا به، وقال الزجاج: أي إذا ذكر الله وحده آمنوا به غير شاكين.
بخلاف من وُصِفَ بقوله: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ﴾ [الزمر: ٤٥].
وقوله: ﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: ٢٨] يعني: قلوب المؤمنين، لأن الكافر غير مطمئن القلب.
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] أكثر المفسرين على أن طوبى اسم شجرة في الجنة، وهو قول أبي هريرة، ومغيث بن سمي، وشهر بن حوشب، ومجاهد، ومقاتل، وابن عباس في رواية الكلبي وعطاء.
وروي ذلك عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٤٩١ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَصْفَهَانِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عُمَارَةَ، نا جَعْفَرُ بْنُ عَنْبَسَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْبَسَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ السَّكُونِيِّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ﴾ [الرعد: ٢٩] فَقَالَ: " أَمَّا طُوبَى، فَشَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَيْسَتْ دَارٌ مِنْ دُورِ الْجَنَّةِ إِلا وَفِيهَا غُصْنٌ مِنْ أَغْصَانِهَا، لَوْ أَنَّ طَائِرًا طَارَ فِي غُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا لَقَتَلَهُ الْهَرَمُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ فَرْعَهُ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلا عَمَّرَ أَعْمَارَ الأَوَّلِينَ رَكِبَ حِقَّةً، أَوْ جَذَعَةً، ثُمَّ طَافَ بِسَاقِهَا،


الصفحة التالية
Icon