الرؤساء الذين كانوا يفتخرون بالمال والغنى والأبناء، أخبر الله تعالى أن ذلك مما يتزين به فِي الحياة الدنيا، لا مما ينفع فِي الآخرة، ﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ﴾ [الكهف: ٤٦] يعني ما يأتي به سلمان، وصهيب، وفقراء المسلمين، وهي: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وهذا قول ابن عباس فِي رواية عطاء، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك.
٥٦٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّرَّاجُ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، أنا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَيْهَقِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، نا كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ لِجُلَسَائِهِ: خُذُوا جُنَّتَكُمْ، قَالُوا: أَحَضَرَ عَدُوٌّ؟ قَالَ: خُذُوا جُنَّتَكُمْ مِنَ النَّارِ، قُولُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلا إِلَهَ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، فَإِنَّهُنَّ الْمُقَدِّمَاتُ وَهُنَّ الْمُنْجِيَاتُ وَهُنَّ الْمُعَقِّبَاتُ وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ
٥٧٠ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَبِيبٍ الْوَرَّاقُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الشَّيْبَانِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدُونِ بْنِ خَالِدٍ، نا الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ، نا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، نا عِكْرِمَةُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنْ عَجَزْتُمْ عَنِ اللَّيْلِ أَنْ تُكَابِدُوهُ، وَعَنِ الْعَدُوِّ أَنْ تُجَاهِدُوهُ فَلا تَعْجَزُوا عَنْ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، فَتَوَلُّوهَا، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: هِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَهُوَ قَوْلُ مَسْرُوقٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَإِبْرَاهِيمَ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: هِيَ الأَعْمَالُ الصَّالِحَاتِ وَجَمِيعُ الْحَسَنَاتِ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ، وَقَالَ: كُلُّ طَاعَةٍ لِلَّهِ فَهِيَ مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، وَاخْتَارَهُ الزَّجَّاجُ؛ فَقَالَ: هِيَ كُلُّ عَمَلٍ صَالِحٍ يَبْقَى ثَوَابُهُ
وقوله: ﴿خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا﴾ [الكهف: ٤٦] قال ابن عباس رضي الله عنه: يريد أفضل ثوابا، وأفضل أملا من المال والبنين.
قوله: ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا {٤٧﴾ وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا ﴿٤٨﴾ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴿٤٩﴾ } [الكهف: ٤٧-٤٩]


الصفحة التالية
Icon