حجته، أي بطلت، وأدحضت حجته إذا أبطلتها.
وقوله: ﴿وَاتَّخَذُوا آيَاتِي﴾ [الكهف: ٥٦] يعني القرآن، ﴿وَمَا أُنْذِرُوا﴾ [الكهف: ٥٦] وما خوفوا به من النار والقيامة، هزوا مهزوا به.
قوله: ومن أظلم استفهام معناه التقرير، أي: لا أحدا ظلم، ﴿مِمَّنْ ذُكِّرَ﴾ [الكهف: ٥٧] وعظ، ﴿بِآيَاتِ رَبِّهِ﴾ [الكهف: ٥٧] بالقرآن وما فِيهِ من الوعيد، فأعرض عنها تهاونا بها، ﴿وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ﴾ [الكهف: ٥٧] يعني ما سلف من ذنوبه، وما بعد هذا مفسر فِي ﴿ [الأنعام،] وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى﴾ [سورة الكهف: ٥٧] إلى الإيمان والقرآن، ﴿فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا﴾ [الكهف: ٥٧] قال الزجاج: أخبر الله تعالى أن هؤلاء أهل الطبع على قلوبهم.
﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ﴾ [الكهف: ٥٨] الغافر الساتر على عباده، ﴿ذُو الرَّحْمَةِ﴾ [الكهف: ٥٨] حين لم يعاجلهم بالعقوبة، وهو قوله: ﴿لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ﴾ [الكهف: ٥٨] للبعث والحساب، ﴿لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا﴾ [الكهف: ٥٨] منجى وملجأ، قال: وأل يئل وألا، إذا نجا.
قوله: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ﴾ [الكهف: ٥٩] يعني أهلها، ولذلك قال: أهلكناهم قال ابن عباس: يريد ما أهلك بالشام واليمن.
لما ظلموا أشركوا، وكذبوا الأنبياء، ﴿وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ﴾ [الكهف: ٥٩] يجوز أن يكون المهلك ههنا مصدرا، ويجوز أن يكون وقتا، والمعنى: جعلنا لإهلاكهم، أو لوقت إهلاكهم، ومن قرأ لمهلكهم بفتح الميم وكسر اللام كان المعنى لوقت هلاكهم، ومن قرأ بفتحها، فهو مصدر مثل الهلاك، وقوله: موعدا أي: وقتا وأجلا.
قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا {٦٠﴾ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴿٦١﴾ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴿٦٢﴾ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴿٦٣﴾ قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴿٦٤﴾ فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ﴿٦٥﴾ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴿٦٦﴾ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴿٦٧﴾ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ﴿٦٨﴾ قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴿٦٩﴾ قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴿٧٠﴾ } [الكهف: ٦٠-٧٠] ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ﴾ [الكهف: ٦٠] الآية.
٥٧١ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأُمَوِيُّ، أنا الرَّبِيعُ، أنا الشَّافِعِيُّ، أنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا الْبَكَّالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ لِي عَبْدًا بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، قَالَ


الصفحة التالية
Icon