رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴿٨١﴾ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴿٨٢﴾ } [الكهف: ٧٧-٨٢] قوله: ﴿فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ﴾ [الكهف: ٧٧] قال ابن عباس: هي انطاكية.
وقال ابن سيرين: الأبلة.
استطعما أهلها سألاهم الطعام، ﴿فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا﴾ [الكهف: ٧٧] روى أبي بن كعب، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: «كانوا أهل قرية لئاما».
والتضييف والإضافة بمعنى واحد، فوجدا فيها فِي تلك القرية، ﴿جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ [الكهف: ٧٧] الإرادة فِي صفة الجدار مجاز، ومعناه: قرب أن ينقض، وذلك على التشبيه بحال من يريد أن يفعل، قال الزجاج: والجدار لا يريد إرادة حقيقية إلا أن هيئته فِي التهيؤ للسقوط قد ظهرت كما تظهر أفعال المريدين القاصدين.
فوصف الإرادة إذ كانت الصورتان واحدة، وأنشد الراعي يصف إبلا:
فِي مهمه فلقت به هاماتها | فلق الفئوس إذا أردن نصولا |
وقرأ أبو عمرو لتخذت يقال: تخذ فلان، يتخذ تخذا مثل اتخذ، ألزمت التاء الحرف كأنها أصلية، لما رأوا التاء فِي اتخذ ظنوها أصلية، فقالوا فِي الثلاثي تخذ، كما قالوا: تقي من اتقى.
قال الخضر: ﴿هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ﴾ [الكهف: ٧٨] أي: هذا الكلام والإنكاء علي بترك الأجر، هو المفرق بيننا، قال الزجاج: المعنى هذا فراق بيننا، أي هذا فراق اتصالنا، وكرر بين تأكيدا.
ولما قال الخضر هذا، أخذ موسى بطرف ثوبه، فقال: حدثني بتأويل ما صنعت.
فقال: ﴿سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا {٧٨﴾ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف: ٧٨-٧٩] يعني أن أصحابها كانوا مساكين، لم يكن لهم مال غير تلك السفينة، فكانوا يعملون عليها، يأخذون أجرتها، ﴿فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا﴾ [الكهف: ٧٩] أجعلها ذات عيب، قال مجاهد: أخرقها.
﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ﴾ [الكهف: ٧٩] قال المفسرون: يعني أمامهم، وراء يكون