فاشية، وقوله: ﴿قَالَ انْفُخُوا﴾ [الكهف: ٩٦] قال ابن عباس: على زبر الحديد بالكير.
﴿حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا﴾ [الكهف: ٩٦] حتى إذا صارت النار، والحديد إذا حمي بالفحم والمنافخ، صار كالنار، ﴿قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾ [الكهف: ٩٦] قال المفسرون: أذاب النحاس، ثم أفرغه على زبر الحديد، فاختلط، ولصق بعضه ببعض، حتى صار جبلا صلدا من حديد والنحاس.
قال قتادة: هو كالبرد الحبير: طريقة سوداء، وطريقة حمراء.
والقطر النحاس الذائب، والإفراغ الصب، ومنه قوله تعالى: ﴿أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا﴾ [البقرة: ٢٥٠].
قوله: ﴿فَمَا اسْطَاعُوا﴾ [الكهف: ٩٧] أصله استطاعوا، فلما اجتمع المتقاربان، وهما التاء والطاء، أحبوا التخفيف بالحذف، قال ابن السكيت: يقال: ما استطيع، وما أسطيع، وما استتيع، وما استيع أربع لغات.
وقرأ حمزة فما اسطاعوا مشددة الطاء، أدغم تاء الافتعال فِي الطاء، وقوله: ﴿أَنْ يَظْهَرُوهُ﴾ [الكهف: ٩٧] أي: يصعدوه ويعلوه، يقال: ظهرت السطح إذا صرت فوقه.
﴿وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾ [الكهف: ٩٧] يقال: نقبت الحائط إذا خرقت فِيهِ خرقا يخلص إلى ما وراءه.
قال الزجاج: ما قدروا أن يعلوا عليه لارتفاعه وانملاسه، وما استطاعوا أن ينقبوه من أسفله، لشدته وصلابته.
٥٧٧ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَرْوَزِيُّ، فِي كِتَابِهِ، أنا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَدَّادِيُّ، أنا أَبُو زَيْدٍ الْخَالِدِيُّ، أنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ، حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ؛ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ: ارْجِعُوا، فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا، فَيُعِيدُهُ اللَّهُ، تَعَالَى، كَمَا كَانَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ عَلَى النَّاسِ، حَفَرُوا حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ؛ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ: ارْجِعُوا، فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَاسْتَثْنَى، فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ، حِينَ تَرَكُوهُ بِالأَمْسِ، فَيَحْفِرُونَهُ فَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ، فَيُنَشِّفُونَ الْمِيَاهَ، وَتَتَحَصَّنُ النَّاسَ فِي حُصُونِهِمْ مِنْهُمْ فَيَرْمُونَ سِهَامَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَرْجِعُ وَفِيهَا كَهَيْئَةِ الدِّمَاءِ، فَيَقُولُونَ: قَدْ قَهَرْنَا أَهْلَ الأَرْضِ وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَغَفًا فِي أَقْفَائِهِمْ فَيَهْلِكُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ دَوَابَّ الأَرْضِ لَتُسَمَّنُ، وَتَشْكُرُ مِنْ لُحُومِهِمْ شُكْرًا، وَلَمَّا فَرَغَ ذُو الْقَرْنَيْنِ مِنْ بِنَائِهِ ﴿قَالَ هَذَا﴾ أَيْ: هَذَا التَّمْكِينُ الَّذِي أَدْرَكْتُ بِهِ السَّدَّ
﴿رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي﴾ [الكهف: ٩٨] قال ابن عباس: