وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ﴿٥﴾ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴿٦﴾ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ﴿٧﴾ } [مريم: ١-٧] بسم الله الرحمن الرحيم كهيعص
٥٨٦ - أَخْبَرَنَا الأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نُصَيْرٍ الْقُرَشِيُّ، مِنْ أَصْلِهِ الْعَتِيقِ سَنَةَ سِتِّينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ يَحْيَى، أنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، نا زُهَيْرٌ، قَالَ: سُئِلَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ كهعيص فَحَدَّثَنَا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ: كَافٌ مِنْ كَرِيمٍ، وَهَاءٌ مِنْ هَادٍ، وَيَاءٌ مِنْ حَكِيمٍ، وَعَيْنٌ مِنْ عَلِيمٍ، وَصَادٌ مِنْ صَادِقٍ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ وَالْكَلْبِيِّ: مَعْنَاهُ: كَافٌّ لِخَلْقِهِ، هَادٍ لِعِبَادِهِ، يَدُهُ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، عَالِمٌ بِبَرِيَّتِهِ، صَادِقٌ فِي وَعْدِهِ، وَعَلَى هَذَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ يَدُلُّ عَلَى صِفَةٍ مِن صِفَاتِ اللَّهِ
وقرئ هايا بالتفخيم والإمالة، وإمالة هذه الحروف لا تمتنع، لأنها ليست بحروف معنى وإنما هي أسماء ما يتهجى به، فلما كانت أسماء غير حروف جاز فِيهِ الإمالة، ويدلك على أنها أسماء أنك إذا أخبرت عنها أعربتها، كما أن أسماء العدد إذا أخبرت عنها أعربتها، فكما أن أسماء العدد قبل أن تعربها أسماء كذلك هذه الحروف.
قوله: ﴿ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ﴾ [مريم: ٢] قال الزجاج: ذكر مرتفع بمضمر.
المعنى: هذا الذي نتلوه عليك ذكر رحمت ربك، ﴿عَبْدَهُ زَكَرِيَّا﴾ [مريم: ٢] يعني: إجابته إياه حين دعاه وسأله الولد.
﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾ [مريم: ٣] خافيا يخفي ذلك في نفسه لا يريد رياء، وهذا يدل على أن المستحب فِي الدعاء الإخفاء.
﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي﴾ [مريم: ٤] وهن يهن وهنا ووهنا إذا ضعف، أراد أن عظامه فترت وذهبت قوته لكبره، وقال قتادة: شكا ذهاب أضراسه.
﴿وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا﴾ [مريم: ٤] انتشر فِيهِ الشيب كما ينتشر شعاع النار فِي الحطب، وهذا من أحسن الاستعارة، إذ شبه بياض الشيب وانتشاره فِي الرأس بشعاع النار فِي الحطب وانتشارها.
قال الزجاج: يقال للشيب إذا كثر جدا: قد اشتعل رأسه فلان، وأنشد لبيد:

إن ترى رأس أمس واضحا سلط الشيب عليه فاشتعل
﴿وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ﴾ [مريم: ٤] أي: بدعائي إياك، ﴿رَبِّ شَقِيًّا﴾ [مريم: ٤] قال ابن عباس: لم تكن تخيب دعائي، يقال: شقي فلان بكذا إذا تعب بسببه، ولم يحصل مطلوبه، يقول: لم أكن أتعب بالدعاء ثم أخيب.
قوله: ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي﴾ [مريم: ٥] يعني: الذين يلونه فِي النسب، وهم العصبة وبنو العم وورثته،


الصفحة التالية
Icon