مواضع، ولقد خلقناكم، وقوله: ﴿وَلَمْ تَكُ شَيْئًا﴾ [مريم: ٩] يريد أنه كان عدما فأوجده بقدرته، قال الزجاج: أي يخلق الولد لك كخلقك.
﴿قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا {١٠﴾ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴿١١﴾ } [مريم: ١٠-١١] ﴿قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً﴾ [مريم: ١٠] قال قتادة: سأل نبي الله آية على حمل امرأته بعد ما شافهته الملائكة بالبشارة.
قال ابن الأنباري: ووجه ذلك أن نفسه تاقت إلى سرعة الأمر.
فسأل الله آية يستدل على قرب ما مَنَّ به عليه، قال الله، ﴿آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ﴾ [مريم: ١٠] أي: تمنع الكلام، فلا تقدر عليه ثلاث ليال، سويا صحيحا من غير بأس ولا خرس، قال مجاهد: أي لا يمنعك من الكلام مرض.
وسويا: منصوب على الحال، وقد مضى مثل هذا فِي ﴿ [آل عمران.
] فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ﴾ [سورة مريم: ١١] قال ابن زيد: من مصلاه.
فأوحى إليهم قال ابن عبا وقتادة: أومأ إليهم وأشار.
وقال مجاهد: كتب لهم فِي الأرض، أن سبحوا صلوا لله، ﴿بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم: ١١] والمعنى أنه كان يخرج على قومه بكرة وعشيا، فيأمرهم بالصلاة، فلما كان وقت حمل امرأته، ومنع الكلام خرج عليهم، فأمرهم بالصلاة إشارة.
﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا {١٢﴾ وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا ﴿١٣﴾ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ﴿١٤﴾ وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ﴿١٥﴾ } [مريم: ١٢-١٥] قوله: يا يحيى قال الزجاج: المعنى فوهبنا له، وقلنا له يا يحيى.
﴿خُذِ الْكِتَابَ﴾ [مريم: ١٢] يريد التوراة، بقوة قال مجاهد: بجد ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾ [مريم: ١٢] قال ابن عباس: آتيناه النبوة فِي صباه، وهو ابن ثلاث سنين.
وقال مجاهد: الحكم الفهم.
وهو أنه أعطي فهم الكتاب حتى حصل له عظيم الفائدة.
﴿وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا﴾ [مريم: ١٣] الحنان: العطف والرحمة.
قال الوالبي، عن ابن عباس: يقول: رحمة من عندنا، وهو قول جماعة المفسرين.
وزكاة قال ابن عباس: يعني بالزكاة طاعة الله والإخلاص.
وقال قتادة: هي العمل الصالح.
وهو قول الضحاك، وابن جريج.
معنى الآية: وآتيناه رحمة من عندنا، وتحننا على العباد ليدعوهم إلى طاعة ربهم، وعملا صالحا فِي الإخلاص، ﴿وَكَانَ تَقِيًّا﴾ [مريم: ١٣] قال ابن عباس: جعلته يتقيني ولا يعدل بي غيري.
قال المفسرون: وكان من تقواه أنه لم يعمل خطيئة ولا هم بها.
٥٨٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَارِثِيُّ، أنا أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حِبَالٍ، نا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، نا أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ، عَنْ