عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، نا النُّعْمَانُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا﴾ قَالَ: لا، وَاللَّهِ مَا عَلَى أَرْجُلِهِمْ يُحْشَرُونَ، وَلَكِنْ يُؤْتَوْنَ بِنُوقٍ لَمْ تَرَ الْخَلائِقُ مِثْلَهَا، عَلَيْهَا رِحَالٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَيَرْكَبُونَ عَلَيْهَا حَتَّى يَضْرِبُوا أَبْوَابَ الْجَنَّةِ
﴿وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ﴾ [مريم: ٨٦] الكافرين، ﴿إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا﴾ [مريم: ٨٦] عطاشا مشاة، قال قتادة: سيقوا إليها وهم ظماء.
والورد الجماعة التي ترد الماء، ولا يرد أحد الماء إلا بعد العطش.
﴿لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ﴾ [مريم: ٨٧] لا يشفعون ولا يشفع أهل الإيمان بعضهم لبعض، وهو قوله: ﴿إِلا مَنِ اتَّخَذَ﴾ [مريم: ٨٧] على معنى لكن من اتخذ، ﴿عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ [مريم: ٨٧] فإنه يملك الشفاعة، قال ابن عباس: العهد شهادة أن لا إله إلا الله، ويتبرأ إليه من الحول والقوة، ولا يرجو إلا الله.
﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا {٨٨﴾ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ﴿٨٩﴾ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴿٩٠﴾ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ﴿٩١﴾ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴿٩٢﴾ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴿٩٣﴾ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴿٩٤﴾ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴿٩٥﴾ } [مريم: ٨٨-٩٥] قوله: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا﴾ [مريم: ٨٨] يعني: اليهود والنصارى ومن زعم من المشركين أن الملائكة بنات الله.
قال الله مخاطبا لهم: ﴿لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا﴾ [مريم: ٨٩] عظيما فِي قول الجميع، ومعنى الآية: قلتم قولا عظيما، كما قال: ﴿إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلا عَظِيمًا﴾ [الإسراء: ٤٠].
﴿تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ﴾ [مريم: ٩٠] أي: تدنو من الانشقاق، وقرئ ينفطرن منه وكلاهما واحد، يقال: انفطر الشيء وتفطر إذ تشقق.
﴿وَتَخِرُّ الْجِبَالُ﴾ [مريم: ٩٠] تسقط، هدا الهد: الكسر الشديد، يقال: هدني هذا الأمر وهد ركني.
والمعنى: تسقط الجبال وتكسر كسرا، قال المفسرون: لما قالوا اتخذ الله ولدا، اقشعرت الأرض، وشاك الشجر، وغضبت الملائكة، واستعرت جهنم، وفزعت السموات والأرض والجبال.
أن دعوا قال الفراء: من أن دعوا، ولأن دعوا.
{لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ﴿٩١﴾ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴿٩٢﴾ } [مريم: ٩١-٩٢] ولا يليق به اتخاذ الولد، لأن اتخاذ الولد يقتضي


الصفحة التالية
Icon