القرى.
وقال مقاتل: الأرض مكة، ونقصها من أطرافها غلبة المؤمنين عليها.
وهذا قول الحسن.
وقال الزجاج: أعلم الله أن بيان ما وعد المشركون من قهرهم قد ظهر، يقول: ولم يروا أنا فتحنا على المسلمين من الأرض ما قد تبين لهم، فكيف لا يعتبرون؟ ﴿وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾ [الرعد: ٤١] قال ابن عباس: لا ناقض لحكمه.
وقال الفراء: لا راد لحكمه.
والمعقب الذي يتبع الشيء فيستدركه، ولا يستدرك أحد على حكم الله، ﴿وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [الرعد: ٤١] أي: المجازاة بالخير والشر.
قوله: ﴿وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [الرعد: ٤٢] يعني كفار الأمم الخالية، مكروا بأنبيائهم، ﴿فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا﴾ [الرعد: ٤٢] يعني أن مكر الماكرين مخلوق له، فلا يضر إلا بإرادته، وفي هذا تسلية للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمان له من مكرهم كأن قيل: قد فعل من قبلهم من الكفار مثل فعلهم، فلا ضرر عليك من مكرهم.
﴿يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ﴾ [الرعد: ٤٢] يريد أن جميع الاكتساب معلوم له، فلا يقع ضرر إلا بإذنه، ﴿وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ﴾ [الرعد: ٤٢] قال ابن عباس: يريد أبا جهل.
وقال الزجاج: الكافر ههنا اسم الجنس كما يقال: كثر الدرهم في أيدي الناس.
ومن قرأ الكفار أراد جميع الكفار ﴿لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد: ٤٢] لمن الجنة آخر الأمر ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الرعد: ٤٣] يعني مشركي مكة، لست مرسلا إلينا بالنبوة، قل لهم، كفى بالله كفى الله، والباء أدخلت للتأكيد، شهيدا شاهدا، بيني وبينكم أي: بما أظهر من الآيات، وأبان من الأدلة على نبوتي، ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣] قال الحسن، ومجاهد: هو الله عز وجل.
وأختاره الزجاج، فقال: لأن الأشبه أن الله لا يستشهد على خلقه بغيره.
وقال عكرمة، وقتادة: يعني علماء أهل الكتاب، منهم عبد الله بن سلام، وسلمان الفارسي، وتميم الداري.
قال ابن الأنباري: جعل قول هؤلاء وشهادتهم قاطعة لقول الخصوم، لأنهم العالمون بالكتب القديمة، فقيل: كفى بهؤلاء شهودا عليكم، وهم شاهدون لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنبوة والصدق.
والله أعلم.