قوله: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ﴾ [طه: ٨٢] قال ابن عباس: تاب من الشرك.
﴿وَآمَنَ﴾ [طه: ٨٢] وحد الله وصدقه، ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ [طه: ٨٢] أدى فرائض الله، ﴿ثُمَّ اهْتَدَى﴾ [طه: ٨٢] قال عطاء، عن ابن عباس: علم أن ذلك توفيق من الله له.
قال فِي رواية أبي صالح: علم أن لهذا ثوابا.
وهو قول الثوري، والشعبي، ومقاتل، وقال قتادة: ثم لزم الإسلام حتى يموت عليه.
وهذا اختيار الزجاج، لأنه يقول: ثم أقام إيمانه.
أخبرنا أبو نصر الجوزقي، أنا بشر بن أحمد المهرجاني، أنا أحمد بن علي، نا أبو سعيد الأشج، نا عبد الله بن خراش، عن العوام بن حوشب، عن سعيد بن جبير ثم اهتدى، قال: لزم السنة والجماعة.
﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى {٨٣﴾ قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴿٨٤﴾ قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ﴿٨٥﴾ فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي ﴿٨٦﴾ قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ ﴿٨٧﴾ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ ﴿٨٨﴾ أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا ﴿٨٩﴾ } [طه: ٨٣-٨٩] قوله: ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى﴾ [طه: ٨٣] قال المفسرون: كانت المواعدة أن يوافي موسى وجماعة من وجوه قومه، فسار موسى بهم، ثم عجل من فيهم شوقا إلى ربه، وخلف السبعين ليلحقوا به، فقال الله: ما الذي حملك على العجلة حتى خلفت قومك وخرجت من بينهم.
﴿قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي﴾ [طه: ٨٤] هم بالقرب مني، يأتون بعدي، ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾ [طه: ٨٤] قال الكلبي: ليزداد رضا.
قال الله تعالى: ﴿فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ﴾ [طه: ٨٥] قال الزجاج: ألقيناهم فِي فتنة ومحبة.
وقال ابن الأنباري: صيرناهم مفتونين أشقياء بعبادة العجل، لما سبق لهم فِي حكمتنا، ﴿مِنْ بَعْدِكَ﴾ [طه: ٨٥] من بعد انطلاقك من بينهم، ﴿وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ﴾ [طه: ٨٥] قال عطاء، عن ابن عباس: يريد أن الضلالة كانت على يد السامري.
يعني أنه كان سبب إضلالهم، وقال الكلبي: صرفهم السامري إلى عبادة العجل.
قال سعيد بن جبير، عن ابن عباس: كان السامري من أهل باجربي، وقع بأرض مصر، فدخل فِي بني إسرائيل، وكان من قوم يعبدون البقر، وكان حب عبادة البقر فِي نفسه.
وقوله: ﴿فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا﴾ [طه: ٨٦] حزينا بما فعلوا، تقدم تفسيره فِي ﴿ [الأعراف،] قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا﴾ [سورة طه: ٨٦] صدقا لإثبات الكتاب، ﴿أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ﴾ [طه: ٨٦] مدة مفارقتي إياكم، ﴿أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ﴾ [طه: ٨٦] يجب، ﴿عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [طه: ٨٦] بعبادتكم العجل، والمعنى: أم أردتم أن تصنعوا صنيعا يكون سبب غضب ربكم، ﴿فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي﴾ [طه: ٨٦] ما وعدتموه لي من حسن الخلافة بعدي، بيان هذا قوله: ﴿بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي﴾ [الأعراف: ١٥٠].
فقال الذين لم يعبدوا العجل: ﴿قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا﴾ [طه: ٨٧] أي: ونحن نملك من أمرنا شيئا، أي: لم نطق رد عبدة العجل من عظيم ما ارتكبوا، لكثرتهم وقلتنا، وجاء فِي الرواية أن الذين لم يعبدوا العجل كانوا اثني عشر ألفا، وافتتن الباقون بالعجل، وكانوا