وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ﴿٩٧﴾ إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴿٩٨﴾ } [طه: ٩٥-٩٨] قال موسى للسامري: ﴿فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ﴾ [طه: ٩٥] أي: ما شأنك الذي دعاك إلى ما صنعت.
﴿قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ [طه: ٩٦] أي: علمت ما لم تعلموا، وعرفت ما لم تعرفوا، فقال له موسى: وما الذي أبصرت دون بني إسرائيل.
قال: ﴿فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ﴾ [طه: ٩٦] يريد أثر فرس جبريل، وذلك أنه قبض قبضة من تراب حافر فرسه، وألقي فِي نفسي أن أقبض من أثرها، فما ألقيته على شيء إلا صار له روح ودم، فحين رأيت قومك طلبوا منك أن تجعل لهم إلها، حدثتني نفسي بذلك، ﴿فَنَبَذْتُهَا﴾ [طه: ٩٦] فألقيتها فِي صورة العجل، وَكَذَلِكَ وكما حدثتك يا موسى، ﴿سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾ [طه: ٩٦] زينت لي نفسي من أخذ القبضة، وإلقائها فِي صورة العجل.
قال له موسى: ﴿فَاذْهَبْ﴾ [طه: ٩٧] أي: من بيننا، ﴿فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ﴾ [طه: ٩٧] ما دمت حيا، ﴿أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ﴾ [طه: ٩٧] قال ابن عباس: لك ولولدك.
والمساس فقال: من المماسة.
ومعنى لا مساس: لا يمس بعضنا بعضا، فصار السامري يهيم فِي البرية مع الوحش والسباع، لا يمس أحدا ولا يمسه أحد، عاقبه الله بذلك، فكان إذا لقي أحدا يقول: لا مساس.
أي لا تقربني ولا تمسني، وصار ذلك عقوبة له ولولده، حتى إن بقاياهم إلى اليوم يقولون ذلك.
وذكر أنه إن مس واحدٌ من غيرهم واحدًا منهم حم كلاهما فِي الوقت.
وقوله: ﴿وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ﴾ [طه: ٩٧] أي: وعدا لعذابك، يعني يوم القيامة، لن تخلف ذلك الموعد، ولن يتأخر عنك.
قال الزجاج: أي يكافئك الله على ما فعلت فِي القيامة، والله لا يخلف الميعاد.
ومن قرأ بكسر اللام كان المعنى: لا تخلف ذلك الموعد، أي ستأتيه ولا مذهب لك عنه.
﴿وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا﴾ [طه: ٩٧] قال ابن عباس: يريد الذي تعبده وظللت عليه مقيما، يعني العجل، وظللت هو الأصل، ولكن اللام الأولى حذفت لثقل التضعيف والكسر، والعرب تفعل ذلك كثيرا، تقول: مست لي ومسست.
وقوله: ﴿لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾ [طه: ٩٧] قال ابن عباس: حرقه بالنار ثم ذراه فِي اليم.
وهو النسف، ومعناه: نقص الشيء لتذهب به الريح، وهو التذرية، وذكر فِي التفسير أن موسى أخذ العجل فذبحه، فسألت منه دم، لأنه كان قد صار لحما ودما، ثم أحرقه بالنار، ثم ذراه فِي البحر.
ثم أخبرهم موسى عن إلههم، فقال: ﴿إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ﴾ [طه: ٩٨] أي: هو الذي يستحق العبادة، لا العجل، ﴿وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [طه: ٩٨] علمه علما تاما ولم يقصر عنه علمه.
﴿كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا {٩٩﴾ مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا ﴿١٠٠﴾ خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلا ﴿١٠١﴾ } [طه: ٩٩-١٠١] كَذَلِكَ أي: كما قصصنا عليك يا محمد نبأ موسى وقومه، ﴿نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ﴾ [طه: ٩٩] من أخبار من