قوله: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾ [طه: ١٣٠] أمر الله نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصبر على ما يسمع من أذاهم إلى أن يحكم الله فيهم، ثم حكم بالقتل، فنسخ الصبر، ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ [طه: ١٣٠] صل لله بالحمد له والثناء عليه، ﴿قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ﴾ [طه: ١٣٠] يريد الفجر، وقبل غروبها يعني العصر، ﴿وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ﴾ [طه: ١٣٠] ساعاته، واحدها إنْيٌ، قال ابن عباس: يريد أول الليل، المغرب والعشاء.
﴿فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ﴾ [طه: ١٣٠] يريد الظهر، وسمي وقت صلاة الظهر أطراف النهار لأن وقته عند الزوال، وهو طرف النصف الأول، وطرف النصف الثاني.
٦١١ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، نا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ، نا عُثْمَانُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نا جَرِيرٌ، وَوَكِيعٌ، وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَر إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؛ لَيْلَةَ أَرْبَعَةَ عَشْرَةَ، فَقَالَ: " إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا تَرَوْنَ هَذَا لا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لا تُغْلَبُوا عَلَى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا، وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَرِيرٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَوَكِيعٍ
وقوله: لعلك ترضى قال ابن عباس: ترضى الثواب والمعاد.
ومن ضم التاء، فمعنا: ترضى بما تعطاه من الدرجة الرفيعة، واختار أبو عبيدة هذه القراءة واضعًا لها معنين: ترضا تعطى الرضا، والآخر يرضاك الله وتصديقها قوله: ﴿وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا﴾ [مريم: ٥٥] قال: وليس في الآخرة إلا وجه واحد.
قوله: ﴿وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى {١٣١﴾ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴿١٣٢﴾ } [طه: ١٣١-١٣٢] ﴿وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ﴾ [طه: ١٣١] الآية قال أبو رافع: نزل برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضيف، فبعثني إلى يهودي، فقال: " قل له: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول، يعني كذا وكذا من الدقيق، وأسلفني إلى هلال رجب ".
فأتيته فقلت له ذلك، فقال: والله لا أبيعه ولا أسلفه إلا برهن.
فأتيت رسول الله، فأخبرته، فقال: «والله لو باعني أو أسلفني لقضيته، وإني لأمين في السماء أمين في الأرض، اذهب بدرعي الحديد إليه».
فنزلت هذه الآية تعزية له عن الدنيا، وقد فسرنا هذه الآية في ﴿ [الحجر، قال أبي بن كعب في هذه ال:: فمن لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه حسرات على الدنيا، ومن يتبع بصره فيما في أيدي الناس يطل حزنه ولا يشفي غيظه، ومن لم ير لله نعمة إلا في مطعمه ومشربه نقص علمه ودنا عذابه.
وقوله:] زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [طه: ١٣١] يعني بهجتها ونضارتها وما يروق الناظر عند الرؤية، قال ابن عباس، والسدي: زينة الدنيا.
وقوله: لنفتنهم فيه لنجعل ذلك فتنة وضلالة بأن أزيد