من رفعه قطعه مما قبله وابتدأ به، وخبره الذي، ومن خفضه جعله بدلا من الحميد، وتفسير الآية ظاهر، قوله: ﴿الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ﴾ [إبراهيم: ٣] أي: يؤثرونها ويختارونها، قال ابن عباس: ما تجعل لهم من الدنيا يأخذونه تهاونا بأمر الآخرة واستبعادا لها.
كقوله تعالى: ﴿إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ﴾ [الإنسان: ٢٧].
﴿وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [إبراهيم: ٣] يمنعون الناس عن دين الله تعالى وطاعته، ﴿وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ [إبراهيم: ٣] ذكرنا تفسيره، ﴿أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾ [إبراهيم: ٣] قال الكلبي: في خطأ بعيد عن الحق.
قوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾ [إبراهيم: ٤] بلغتهم ليفهموا عنه ويعقلوا، وهو قوله: ﴿لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [إبراهيم: ٤] قال ابن عباس: جعل المشيئة إليه وحده لا شريك له.
قوله: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا﴾ [إبراهيم: ٥] أي: بالبراهين التي دلت على صحة نبوته مثل العصا واليد وغيرهما، ﴿أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ [إبراهيم: ٥] الأيام يعبر بها عن النعم والنقم، لأنها كلها تقع فيها، قال ابن السكيت: العرب تقول: الأيام في معنى الوقائع يقال: فلان عالم بأيام العرب أي: بوقائعها.
قال ابن عباس: يريد بنعم الله.
وهو قول مجاهد، وقتادة.
وأبي بن كعب رواه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذه الآية.
٤٩٦ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ السَّرَّاجُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضرِيُّ، نا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ صَالِحٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ [إبراهيم: ٥]، قَالَ: أَيَّامُهُ: نُعَمُهُ
وقال مقاتل: بوقائع الله في الأمم السالفة.
قال الزجاج: أي: ذكرهم بنعم الله عليهم، وبنقم أيام الله التي انتقم فيها من قوم نوح وعاد وثمود.
والمعنى: عظهم بالترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، إِنَّ فِي ذَلِكَ التذكير، لآيَاتٍ لدلالات على قدرة الله تعالى، لكل صبار على طاعة الله وعن معاصيه، شكور لأنعم الله، وما بعدها مفسر في ﴿ [البقرة إلى قوله:] وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ﴾ [سورة إبراهيم: ٧] وهذا عطف على قوله: ﴿إِذْ أَنْجَاكُمْ﴾ [إبراهيم: ٦] كأنه قال: اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم، وإذ تأذن ربكم، وهو إخبار عما قال