كان كليلة نفشت فيه، دفع هؤلاء إلى هؤلاء غنمهم، ودفع هؤلاء إلى هؤلاء كرمهم.
فقال داود: القضاء ما قضيت.
وحكم بذلك، فهو قوله: ﴿وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ﴾ [الأنبياء: ٧٨] قال ابن عباس: لم يغب عني من أمرهم شيء.
قال الفراء: جمع أقلين، فقال: ﴿لِحُكْمِهِمْ﴾ [الأنبياء: ٧٨] وهو يريد داود وسليمان، لأن الاثنين جمع، وهو مثل قوله: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾ [النساء: ١١] وهو يريد أخوين، والحكم الذي حكما به بعضه موافق بشرعنا، وبعضه مخالف، أما الموافق: فهو الحكم بالضمان على صاحب الماشية إذا أفسدت بالليل حرثا، وكذا هو في شرعنا: وهو ما
٦١٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَنْصُورِيُّ، أنا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، نا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، نا أَبُو الأَزْهَرِ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالا: ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، نا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ وَقَعَتْ فِي حَائِطِ قَوْمٍ فَأُفْسِدَ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى أَهْلِ الأَمْوَالِ حِفْظَ الأَمْوِالِ بِالنَّهَارِ، وَعَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ حِفْظَهَا بِاللَّيْلِ، أَمَّا الْمُخَالِفُ لِشَرْعِنَا فَهُوَ أَنَّ الْحُكْمَ عِنْدَنَا ضَمَانُ مَا أَفْسَدَتِ الْمَاشِيَةُ بِالْقِيمَةِ، أَوْ بِالْمِثْلِ، لا تَسْلِيمُ الْمَاشِيَةِ وَلا تَسْلِيمُ مَنَافِعِهَا
وقوله: ففهمناها سليمان أي: القضية والحكومة، كنى عنها لأنه ما يدل عليها من ذكر الحكم، وكلا منهما، آتينا حكما نبوة، وعلما بأمور الدين.
﴿وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ﴾ [الأنبياء: ٧٩] وهو أنه كان إذا وجد فترة أمر الجبال فسبحت حتى يشتاق هو فيسبح، وقال وهب: كانت الجبال تجاوبه بالتسبيح، وكذلك الطير.
وهو قوله: ﴿وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: ٧٩] يعني: ما ذكر من التفهيم وإيتاء الحكم والتسخير.
﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ﴾ [الأنبياء: ٨٠] اللبوس الدرع، لأنها تلبس، قال قتادة: أول من صنع الدروع داود، وإنما كانت صفائح، فهو أول من سردها وحلقها، فجمعت الخفة والتحصين.
وهو قوله: ليحصنكم أي: ليحرزكم ويمنعكم، يعني اللبوس، ومن قرأ بالتاء فلتقدم قوله: وعلمناه ومن قرأ بالياء حمله على المعنى، لأن معنى اللبوس الدرع، وقوله: من بأسكم أي: من حربكم، وقال السدي: من وقع السلاح فيكم.
فهل أنتم يا معشر أهل مكة، شاكرون نعمي بطاعة الرسول وتصديقه.
وقوله: ولسليمان الريح المعنى: وسخرنا لسليمان الريح، عاصفة شديدة الهبوب، قال ابن عباس: إن أمر