كما تقول: كطي زيد الكتب وتكون اللام زائدة، كقوله: ﴿رَدِفَ لَكُمْ﴾ [النمل: ٧٢].
وقال مجاهد: السجل الصحيفة فيها الكتب.
وهو قول قتادة، والكلبي، واختيار الفراء، وابن قتيبة، وعلى هذا القول، الكتب يراد بها المكتوب، ولما كان المكتوب ينطوي بانطواء الصحيفة جعل السجل كأنه يطوي الكتاب، وقوله: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾ [الأنبياء: ١٠٤] كما بدأناهم في بطون أمهاتهم حفاة عراة غرلا، كذلك نعيدهم يوم أول.
٦٢٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ الْمَاوَرْدِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّوفِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أنا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ أَلا إِنَّ أَوَّلَ مِنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ "، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ
وقال الزجاج: المعنى نبعث الخلق كما ابتدأناه، أي: قدرتنا على الإعادة كقدرتنا على الابتداء، والخلق ههنا مصدر لا يعني المخلوق، وقوله: وعدا علينا أي: وعدناكم ذلك وعدا علينا ﴿إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٤] ما وعدناكم من ذلك.
﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ {١٠٥﴾ إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ ﴿١٠٦﴾ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴿١٠٧﴾ } [الأنبياء: ١٠٥-١٠٧] وقوله: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ﴾ [الأنبياء: ١٠٥] يعني: جميع الكتب المنزلة من السماء، ﴿مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ﴾ [الأنبياء: ١٠٥] يعني: أم الكتاب الذي عند الله، هذا قول سعيد بن جبير، ومجاهد، وابن زيد، واختيار الزجاج، قال: الزبور جميع الكتب التوراة والإنجيل، والقرآن زبور لأن الزبور والكتاب في معنى واحد، يقال: زبرت الشيء وكتبت.
وقوله: أن الأرض يريد أرض الجنة كقوله: ﴿وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ﴾ [الزمر: ٧٤]، ﴿يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠٥] يعني: المؤمنين العاملين بطاعة الله، ويرثونها كقوله: ﴿يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ﴾ [المؤمنون: ١١].
﴿إِنَّ فِي هَذَا﴾ [الأنبياء: ١٠٦] يعني القرآن، لبلاغا لكفاية، يقال في هذا الشيء: بلاغ وبلغة وتبلغ أي كفاية، والمعنى أن من اتبع القرآن وعمل به كان القرآن بلاغه إلى الجنة، وقوله: لقوم عابدين قال كعب: هم أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين يصلون الصلوات الخمس، ويصومون شهر رمضان، سماهم عابدين.
ونحو هذا روي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٦٢٥ - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَاعِظُ، أنا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ، بِمَكَّةَ، نا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّعْبِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ، نا عَبْدُ الرَّحِيمِ الْعَمِّيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،