أجل الولادة،} ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ﴿ [الحج: ٥] قال الزجاج: طفلا في معنى أطفال.
ودل عليه ذكر الجماعة،﴾ ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ﴿ [الحج: ٥] فيه إضمار تقدريره ثم نعمركم لتبلغوا أشدكم، يعني الكمال والقوة، وهو ما بين الثلاثين إلى الأربعين،﴾ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ ﴿ [غافر: ٦٧] بلوغ الأشد،﴾ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ﴿ [الحج: ٥] أي: أخسه وأدونه، وهو الخرف،﴾ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ﴿ [الحج: ٥] قال ابن عباس: يبلغ السن من بعد ما يتغير عقله حتى لا يعلم شيئا.
قال عكرمة: من قرأ القرآن لم يصير بهذه الحالة.
واضح بقوله:﴾ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴿٥﴾ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴿ [التين: ٥-٦].
قال: إلا الذين قرأوا القرآن.
ثم دلهم على إحيائه الموتى بإحيائه الأرض، فقال:﴾ وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً ﴿ [الحج: ٥] قال ابن عباس: هي التي تلبدت وذهب عنها الندى.
وقال مجاهد: هالكة.
يعني جافة يابسة، وقال ابن قتيبة: ميتة يابسة كالنار إذا طفئت فذهبت.
﴾ فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ ﴿ [الحج: ٥] تحركت بالنبات، وذلك أن الأرض ترتفع عن النبات، فذلك تحركها، وهو معنى قوله: وربت أي: ارتفعت وزادت، وقال المبرد: أراد واهتز وربى نباتها.
فحذف المضاف، والاهتزاز في النبات أظهر، يقال: اهتز النبات إذا طال.
﴾ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴿ [الحج: ٥] قال ابن عباس: من كل صنف حسن.
والبهجة: حسن الشيء ونضارته، والبهيج: الحسن وقد بهج، ومنه قوله:﴾ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ ﴿ [النمل: ٦٠] أي: تبهج الناظر وتمتعه برؤيتها.
قوله:﴾ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ ﴿ [الحج: ٦] أي: فعل الله ذلك، يعني: ما ذكر من ابتداء الخلق وإحياء الأرض بأنه هو الحق أي: ذو الحق، يعني أن جميع ما يأمر به ويفعله هو الحق لا الباطل، كما يأمر به الشيطان من الباطل،﴾ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى ﴿ [الحج: ٦] أي: وبأنه يحيى الموتى، والمعنى: فعل ما فعل بقدرته على إحياء الموتى، وبأنه قادر على ذلك، وقادر على ما أراد، وهو قوله:﴾ وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٦﴾ وَأَنَّ السَّاعَةَ ﴿ [الحج: ٦-٧] أي: ولتعلموا أن الساعة، آتية والمعنى: بدء الخلق وإحياء الأرض بالماء دلالة لكم لتعلموا بها أن القيامة آتية، وأن البعث حق، وهو قوله:﴾ وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴿ [الحج: ٧].
﴾ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ ﴿٨﴾ ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴿٩﴾ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ ﴿١٠﴾ ﴿ [الحج: ٨-١٠] وقوله:﴾ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴿ [الحج: ٨] تقدم تفسيره، وقوله:﴾ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ ﴿ [الحج: ٨] قال ابن عباس: ليس معه من ربه رشاد ولا بيان ولا كتاب له نور.
﴾ ثَانِيَ عِطْفِهِ ﴿ [الحج: ٩] يقال: ثنيت الشيء إذا عطفته، ومنه قوله:﴾ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴿ [هود: ٥].
والعطف الجانب، وعطفا الرجل جانباه، عن يمين وشمال، وهو الموضع الذي يعطفه الإنسان، أي يلويه ويميله عند الإعراض عن الشيء، قال ابن عباس: مستكبرا في نفسه.
وقال مجاهد، وقتادة: لاوي عنقه.
وقال ابن زيد: معرضا عما يدعى إليه كبرا.
وقال الزجاج: وهذا لا يوصف به المتكبر.
والمعنى: ومن الناس من يجادل في الله منكرا، وقوله:﴾ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ { [الحج: ٩] ليذهب عن طاعة الله، والمعنى أنه يجادل ليضل عن سبيل الله، لا أن له على ما