والإنضاج، وهو قول المفسرين، قال ابن عباس في رواية عطاء: ينضج.
وقال قتادة، ومجاهد: تذاب.
والمعنى أن أمعاءهم وشحومهم تذاب وتحرق بهذا الحميم وتشوى جلودهم فيتساقط من حره.
قوله: ﴿وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ﴾ [الحج: ٢١] قال الليث: المقمعة شبه الجزر من الحديد، يضرب بها الرأس، وجمعها المقامع.
من قولهم: قمعت رأسه إذا ضربته ضربا عنيفا.
٦٣١ - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ، نا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، نا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قَوْلِهِمْ: « ﴿وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ﴾ لَوْ وُضِعَ مَقْمَعٌ مِنْ حَدِيدٍ فِي الأَرْضِ ثُمَّ اجْتَمَعَ الثَّقَلانِ مَا أَقَلُّوهُ مِنَ الأَرْضِ»
قال الحسن: إن النار ترميهم بلهبها، حتى إذا كانوا في أعلاها، ضربوا بمقامع، فهووا فيها سبعين خريفا، فإذا انتهوا إلى أسفلها، ضربهم زفير لهبها فلا يستقرون ساعة.
فذلك قوله: ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ﴾ [الحج: ٢٢] يعني: كلما حاولوا الخروج من النار لما يلحقهم من الغم والكرب الذي يأخذ بأنفاسهم حتى ليس لهم مخرج، ردوا إليها بالمقامع، قال المفسرون: إن جهنم لتجيش بهم، فتلقيهم إلى أعلاها، فيريدون الخروج منها، فيردهم الخزان فيها، ويقولون لهم: ﴿ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ [آل عمران: ١٨١] والحريق اسم من الاحتراق.
وقال الزجاج: وهذا لأحد الخصمين، وقال في الخصم الآخر، الذين هم المؤمنون: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ {٢٣﴾ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ﴿٢٤﴾ } [الحج: ٢٣-٢٤] ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الحج: ٢٣] الآية، وهي مفسرة في ﴿ [الكهف إلى قوله: ولؤلؤ وهو ما يستخرج من البحر، والمعنى: إنهم يحلون أساور من ذهب ومن لؤلؤ، أي منها، بأن يرصع اللؤلؤ في الذهب، وقرئ ولؤلؤا بالنصب على ويحلون لؤلؤا، وقوله:] وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾ [سورة الحج: ٢٣] يعني أنهم يلبسون في الجنة ثياب الإبريسم، وهو الذي حرم لبسه في الدنيا على الرجال، قال أبو سعيد الخدري: من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة كلهم غيره، قال الله عز وجل: ﴿وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾ [الحج: ٢٣].
٦٣٢ - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَاعِظُ، أنا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بِشْرٍ، نا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُحْتُرِيُّ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، نا أَبِي، نا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي خَلِيفَةُ بْنُ كَعْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: لا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ، وَمَنْ لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ؛ لأَنَّ اللَّهَ، تَعَالَى، يَقُولُ ﴿لِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾
﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ﴾ [الحج: ٢٤] قال ابن عباس: يرد لا إله