يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿٧٢﴾ } [الحج: ٧١-٧٢] ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [الحج: ٧١] يعني: أهل مكة، ﴿مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا﴾ [الحج: ٧١] حجة، ﴿وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ﴾ [الحج: ٧١] أنها آلهة، ﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾ [الحج: ٧١] وما للمشركين من مانع من العذاب.
قوله: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ﴾ [الحج: ٧٢] يعني القرآن، ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ﴾ [الحج: ٧٢] قال مقاتل: ينكرون القرآن أن يكون من الله.
والمنكر بمعنى الإنكار، والتأويل أثر الإنكار من الكراهية والعبوس، يكادون يسطون يقعون بمحمد وأصحابه من شدة الغيظ، ﴿بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا﴾ [الحج: ٧٢] أي: يكادون يبسطون إليهم أيديهم بالسوء، يقال: سطا عليه وسطا به إذ تناوله بالبطش والعنف والشدة.
قل لهم يا محمد: ﴿أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ﴾ [الحج: ٧٢] بشر لكم وأكره إليكم من هذا القرآن الذي تسمعون، ثم ذكر ذلك، فقال: النار أي: هو النار، ﴿وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الحج: ٧٢] أي: يصيرهم إليها، وبئس المصير هي.
وقوله: ﴿يَأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ {٧٣﴾ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿٧٤﴾ } [الحج: ٧٣-٧٤] ﴿يَأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ﴾ [الحج: ٧٣] قال الأخفش: إن قيل: فأين المثل الذي ذكره الله في قوله: ضرب مثل؟ قيل: ليس ههنا مثل، والمعنى: إن الله قال: ضرب لي مثل، أي شبه بي الآوثان، ثم قال: فاستمعوا له لهذا المثل الذي جعلوه مثلا وتأويلا للآية، جعل المشركون الأصنام شركائي، فعبدوها معي، فاستمعوا حالها، ثم بين ذلك، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [الحج: ٧٣] يعني الأصنام، وكانت ثلات مائة وستين حول الكعبة، ﴿لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا﴾ [الحج: ٧٣] في صغره ومكثه، ﴿وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا﴾ [الحج: ٧٣] مما عليهم، قال ابن عباس: كانوا يطلون الأصنام بالزعفران فيجف، فيأتي الذباب فيختلسه، فلا يقدرون أن يستردوه من الذباب ويستنقذوه منه، فذلك قوله: ﴿لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ﴾ [الحج: ٧٣] وقال السدي: كانوا يجعلون للأصنام طعاما، فيقع عليه الذباب، فيأكل منه، فلا يستطيع أن يسنقذه منه.
وقوله: ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ [الحج: ٧٣] قال ابن عباس في رواية عطاء، والكلبي: الطالب الصنم، والمطلوب الذباب.
وروي عنه على العكس من هذا، وهو أن الطالب: الذي يطلب ما يسلب من الطيب على الصنم، والمطلوب: الصنم يطلب الذباب منع السلب.
وقال السدي: الطالب الذي يطلب إلى هذا الصنم بالتقرب إليه والصنم المطلوب إليه.
وهذا معنى قول الضحاك: العابد والمعبود.
﴿مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الحج: ٧٤] ما عظموه حق عظمته، حيث جعلوا هؤلاء الأصنام شركاء له، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ﴾ [الحج: ٧٤] على خلقه، عزيز في ملكه.
﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ {٧٥﴾ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ ﴿٧٦﴾ } [الحج: ٧٥-٧٦] ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلا﴾ [الحج: ٧٥] يعني: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت.
ومن الناس يريد النبيين، أخبر الله أن الاختيار إليه، يختار من يشاء من خلقه فيجعلهم رسله وأنبياءه، ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ﴾ [الحج: ٧٥] لمقالتهم، بصير بمن