النار، اجتمع أهل النار على إبليس، فيقوم فيما بينهم خطيبا، ويقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ﴾ [إبراهيم: ٢٢] أي: كون هذا اليوم، فصدقكم وعده، ووعدتكم أنه لا جنة ولا نار، ولا بعث ولا حساب، فأخلفتكم الوعد، ﴿وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ﴾ [إبراهيم: ٢٢] ما أظهرت لكم حجة أحتج بها عليكم، ﴿إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ﴾ [إبراهيم: ٢٢] هذا من الاستثناء المنقطع، أي: لكن دعوتكم ﴿فَاسْتَجَبْتُمْ لِي﴾ [إبراهيم: ٢٢] فصدقتموني وقبلتم مقالتي، ﴿فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [إبراهيم: ٢٢] حيث أجبتموني وصدقتموني من غير برهان، ﴿مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ﴾ [إبراهيم: ٢٢] بمغيثكم، ﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ﴾ [إبراهيم: ٢٢] بمغيثين لي، أي: لا أنجيكم مما أنتم فيه، ولا تنجوني مما أنا فيه، قال الحسن: إذا كان يوم القيامة، قام إبليس خطيبا على منبر من نار، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ﴾ [إبراهيم: ٢٢] الآية.
والقراءة الصحيحة فتح الياء في مصرخي، وهو الأصل، لأن ياء الإضافة إذا كان قبلها ساكن، حركت إلى الفتح لا غير، نحو هداي وعصاي، وقرأ حمزة بكسر الياء، قال الزجاج: هذه القراءة عند جميع النحويين رديئة مرذولة، لا وجه لها إلا وجه ضعيف، وهو ما أجازه الفراء من الكسر على أصل التقاء الساكنين، وأنشد:
قلت لها هل لك يَا تَا فيَّ
قالت لنا ما أنت بالمرضي
وزعم قطرب أن هذه لغة في بني يربوع، يزيدون على ياء الإضافة ياء، نحو هل لك يا تافي؟ وكان الأصل مصرخي، ثم حذفت الياء الزائدة، وأقرت الكسرة على ما كانت عليه، وقوله: ﴿إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ﴾ [إبراهيم: ٢٢] أي: كفرت بإشراككم إياي مع الله في الطاعة، والمعنى: جحدت أن أكون شريكا لله فيما أشركتموني، إن الظالمين يريد المشركين، ﴿لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [إبراهيم: ٢٢]، وقوله: ﴿تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ﴾ [إبراهيم: ٢٣] ذكرنا تفسيره في ﴿ [يونس.
قوله:] أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ {٢٤﴾ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿٢٥﴾ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ﴿٢٦﴾ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴿٢٧﴾ } [سورة إبراهيم: ٢٤-٢٧] ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا﴾ [إبراهيم: ٢٤] بين الله شبها، ثم فسر ذلك المثل، فقال: كلمة طيبة قال ابن عباس: يريد لا إله إلا الله، وهو قول الجميع.
﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ [إبراهيم: ٢٤] قالوا: يريد النخلة.
والمعنى: كشجرة طيبة الثمرة.
أصلها أي: