أحمركم، ولا حلوكم ولا حامضكم، ولكنه قال انتهوا إلى الحلال منه.
﴿وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ [المؤمنون: ٥١] أي: بما أمركم الله به، وأطيعوه في أمره ونهيه، ﴿إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: ٥١] لا يخفى علي شيء من أعمالكم.
﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ﴾ [المؤمنون: ٥٢] إن في قراءة من قرأ بفتح الألف معطوفة على الجار في قول الخليل وسيبويه: التقدير ولأن هذه أمتكم.
﴿أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ [المؤمنون: ٥٢] أي: اتقون لهذا، ومن قرأ بالتخفيف فإن هي المخففة من المشددة، كقوله: ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [يونس: ١٠] ومن كسر مع التشديد فهو على الاستئناف، ومعنى الآية قال مقاتل: يقول: هذه التي أنتم عليها ملة الإسلام، ملة واحدة عليها الأنبياء والمؤمنون الذين نجوا من العذاب.
والمعنى: أنتم أهل ملة واحدة ودعوة واحدة، فلا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا.
وهو قوله: ﴿فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ﴾ [المؤمنون: ٥٣] والكلام في الاثنين قد تقدم، وقوله: ﴿زُبُرًا﴾ [المؤمنون: ٥٣] قال المبرد: فرقا وقطعا مختلفة.
واحدها زبور، هو الفرقة والطائفة، ومثله الزبرة وجمعها زبر.
قال الكلبي: يعني مشركي العرب واليهود والنصارى، تفرقوا أحزابا.
﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٣] بما عندهم من الدين راضون، يرون أنهم على الحق، ﴿فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ﴾ [المؤمنون: ٥٤] في حيرتهم وغفلتهم، وضلالتهم وجهالتهم، قال مقاتل: يعني كفار مكة.
وقوله: ﴿حَتَّى حِينٍ﴾ [المؤمنون: ٥٤] قال ابن عباس: يريد نزول العذاب بالسيف أو بالموت.
﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ﴾ [المؤمنون: ٥٥] أي: أيحسبون أن ما يعطيهم الله في هذه الدنيا من الأموال والبنين، إنما يعطيهم ثوابا ومجازاة لهم، لا بل هو استدراج لهم من الله، وهو معنى قوله: ﴿نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ﴾ [المؤمنون: ٥٦] ومعنى نسارع نسرع، أي أيحسبون: أنا نتعجل في تقديم ثواب أعمالهم لرضانا عنهم حين بسطنا لهم الرزق وأكثرنا أولادهم، ﴿بَلْ لا يَشْعُرُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٦] لا يعلمون أن ذلك شر لهم.
ثم ذكر المؤمنين فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ {٥٧﴾ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ﴿٥٨﴾ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ ﴿٥٩﴾ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴿٦٠﴾ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴿٦١﴾ } [المؤمنون: ٥٧-٦١] ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٧] الإشفاق الخوف، تقول: أنا مشفق من هذا الأمر، أي خائف.
والمعنى أنهم لما هم عليه من خشية الله خائفون من عذابه.
﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٨] قال ابن عباس: يصدقون بالقرآن أنه من


الصفحة التالية
Icon