﴿الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٣] قوله: ﴿الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٣] قال أكثر المفسرين: كانت بالمدينة نساء بغايا لهن علامات كعلامات البياطرة، وكن مخاصيب الرجال، فلما قدم المهاجرون المدينة لم يكن لهن مساكن ولا عشائر، فأرادوا أن يتزوجوا بهن لينفقن عليهم، فنهوا عن ذلك، ونزلت هذه الآية ﴿وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٣] أن يتزوجوا تلك البغايا المعلنات، وذكر أن من فعل ذلك وتزوج بواحدة منهن فهو زان، فالتحريم كان خاصة على أولئك دون الناس، ومذهب سعيد بن جبير أن هذه الآية منسوخة نسخها قوله: ﴿وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: ٣٢] قال أبو عبيد: مذهب مجاهد أن التحريم لم يكن إلا على أولئك خاصة.
ومذهب سعيد أن التحريم كان عاما ثم نسخته الرخصة، فإن تزوج امرأة تبين منها الفجور، لم يكن ذلك تحريما بينهما ولا طلاقا، ولكنه يؤمر بطلاقها، ويخاف عليها الإثم في إمساكها، لأن الله تعالى إنما اشترط على المؤمنين نكاح المحصنات، فقال: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [المائدة: ٥] فأما حديث الاستمتاع الذي قال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن امرأته لا تمنع يد لامس، فأمره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالاستمتاع بها وإمساكها، فهذ خلاف الكتاب والسنة، لأن الله تعالى إنما أذن في نكاح المحصنات خاصة ثم أنزل في القاذف لامرأته آيه اللعان، وسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التفريق بينهما، فلا يجتمعان أبدًا فكيف يأمر بالإقامة على عاهرة لا تمتنع ممن أرادها، وفي حكمه أن يلاعن بينهما ولا يقر قاذفا على حاله، والحديث ليس يثبت عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إنما عبرته هارون بن رياب، عن عبد الله بن عيد، وعبرته عبد الكريم الجزري، عن ابن الزبير، وكلاهما يرسله، فإن ثبت، فإن تأويله أن الرجل وصف امرأته بالخرف، وضعف الرأي، وتضييع ماله، فهي تمنعه من طالب ولا تحفظه من سارق، وهذا أشبه بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأجرى بحديثه هذا كله كلام أبي عبيد.
وقوله: {


الصفحة التالية
Icon