عائشة وأزواج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصة، ليس فيها توبة، ومن قذف امرأة مؤمنة فقد جعل الله له توبة، ثم قرأ ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ [النور: ٤] إلى قوله: ﴿إِلا الَّذِينَ تَابُوا﴾ [النور: ٥] قال: فجعل لهؤلاء توبة، ولم يجعل لأولئك توبة.
أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم، أنا شعيب بن محمد، أنا مكي بن عبدان، نا أبو الأزهر، نا روح، نا الثوري، نا حصيف، قال: قلت لسعيد بن جبير: من قذف محصنة لعنه الله.
قال: لا، إنها في عائشة خاصة.
قوله: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ﴾ [النور: ٢٤] قال الكلبي: تشهد عليهم يوم القيامة ألسنتهم بما تكلموا به من الفرية في قذف عائشة.
﴿وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النور: ٢٤] قال ابن عباس: تتكلم الجوارح وتنطق بما عملت في الدنيا.
﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ﴾ [النور: ٢٥] يجازيهم الله جزاءهم الواجب، ﴿وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ﴾ [النور: ٢٥] قال ابن عباس: وذلك أن عبد الله بن أبي كان يشك في الدين، فيعلم يوم القيامة أن الله هو الحق المبين حيث لا ينفعه.
قوله: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [النور: ٢٦] ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ﴾ [النور: ٢٦] أي: الخبيثات من الكلام والقول للخبيثين من الناس، ﴿وَالْخَبِيثُونَ﴾ [النور: ٢٦] من الناس ﴿لِلْخَبِيثَاتِ﴾ [النور: ٢٦] من الكلام، والمعنى أن الخبيث من القول لا يليق إلا بالخبيث من الناس، وكل كلام إنما يحسن في أهله، فيضاف شيء القول إلى من يليق به ذلك، وكذلك الطيب من القول، وعائشة لا يليق بها الخبيثات من الكلام، فلا يصدق فيها لأنها طيبة، فيضاف إليها طيبات الكلام من الثناء الحسن وما يليق بها.
وقال الزجاج: معناه لا يتكلم بالخبيثات إلا الخبيث من الرجال والنساء، ولا يتكلم بالطيبات إلا الطيب من الرجال والنساء، وهذا ذم للذين قذفوا عائشة بالخبيث، ومدح للذين برأوها بالطهارة.
وقال ابن زيد: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء، أمثال عبد الله بن أبي والشاكين في الدين.
﴿وَالطَّيِّبَاتُ﴾ [النور: ٢٦] من النساء، ﴿لِلطَّيِّبِينَ﴾ [النور: ٢٦] من الرجال، ﴿وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ﴾ [النور: ٢٦] يريد عائشة طيبها الله لرسوله، وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء.
وقوله: ﴿أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ﴾ [النور: ٢٦] يعني: الطيبات والطيبين مبرءون، ﴿مِمَّا يَقُولُونَ﴾ [النور: ٢٦] أي: الخبيثات والخبيثون، ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [النور: ٢٦] في الجنة.
٦٥٧ - أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو مَعْمَرٍ الْمُفَضَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الإِسْمَاعِيلِيُّ، أنا الإِمَامُ جَدِّي أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الأُشْنَانِيُّ، نا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ، أنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ جَدَّتِهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: لَقَدْ أُعْطِيتُ تِسْعًا مَا أُعْطِيَتْهَا امْرَأَةٌ: نَزَلَ جِبْرِيلُ بِصُورَتِي فِي رَاحَتِهِ حِينَ أَمَرَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَتَزَوَّجَنِي، وَلَقْد تَزَوَّجَنِي بِكْرًا وَمَا تَزَوَّجَ بِكْرًا غَيْرِي، وَلَقَدْ قُبِضَ وَإِنَّ رَأْسَهُ فِي حِجْرِي، وَلَقَدْ قُبِرَ فِي بَيْتِي وَلَقَدْ حَفَّتِ الْمَلائِكَةُ بِبَيْتِي، وَإِنْ كَانَ الْوَحْيُ لَيَنْزِلُ عَلَيْهِ فِي أَهْلِهِ فَيَتَفَرَّقُونَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ لَيَنْزِلُ عَلَيْهِ وَإِنِّي لَمَعَهُ


الصفحة التالية
Icon