وهو أن يقول: كاتبت على أن تعطيني كذا وكذا في نجوم معلومة، فإذا أدى ذلك فالعبد حر، ولا بد من التنجيم، وأقله نجمان وصاعدا، ولا يصح جمعه، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه يصح والآية عليه، لأن أصل الكتاب من الكتب وهو الضم والجمع، وأقل ما يقع عليه الضم والجمع نجمان، وهو أن العبد يجمع نجوم المال إلى مولاه، ولا يجوز أن يكاتب عبدا غير بالغ ولا عاقل لقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ﴾ [النور: ٣٣] ولا يصح الطلب من الأطفال والمجانين، وعند أبي حنيفة: إذا كان العبد مراهقا يجوز أن يكاتب، والآية حجة عليه.
وقوله: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ﴾ [النور: ٣٣] أمر ندب واستحباب في قول الجمهور، وقال قوم: إنه أمر إيجاب.
وهو قول عمرو بن دينار، وعطاء، ورواية عطية عن ابن عباس.
وقوله: ﴿إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ [النور: ٣٣] أكثر المفسرين قالوا: يعني المال.
وهو قول مجاهد، وعطاء، والضحاك، وطاوس، والمقاتلين.
وقال الحسن: إن كان عنده مال وكاتبه، وإلا فلا تعلق عليه صحيفة يغدو بها على الناس ويروح فيسألهم.
وقال عبد لسلمان: كاتبني.
فقال: مال؟ قال: لا.
قال: أفتطعمني أوساخ الناس: فأبى عليه، وكان قتادة يكره أن يكاتب العبد لا يكاتبه إلا ليسأل الناس.
وقال ابن عباس في رواية عطاء في قوله: ﴿إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ [النور: ٣٣] قوة على الكسب، وأداء المال.
هو قول ابن عمرو، وابن زيد، واختيار مالك والشافعي والفراء والزجاج.
قال الفراء: يقول إن رجوتم عندهم وفاء وتأدية للمال.
وقال الزجاج: إن علمتم أنهم يكسبون ما يؤدونه.
وهذا القول أصح لأنه لو أريد بالخير المال لقيل: إن علمتم لهم خيرا، فلما قال عليهم كان الأظهر الاكتساب والوفاء وأداء الأمانة.
وقوله: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ [النور: ٣٣] يقول: حطوا عنهم من نجوم الكتابة شيئا.
قال مجاهد: ربع المال.
وقال الآخرون: لا يتقدر بشيء يحط عنه ما أحب، أو يرد عليه شيئا مما يأتيه به، أو يعطيه مما في يده شيئا يستعين به على أداء المال.
وقال عطاء، عن ابن عباس: يريد سهم الرقاب يعطى منه المكاتبون.
وقوله: ﴿وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ﴾ [النور: ٣٣] يعني: إماءكم وولائدكم على الزنا، نزلت في عبد الله بن أبي كان يكره جواري له على الكسب بالزنا، وقوله: ﴿إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ [النور: ٣٣] قال ابن عباس: تعففا وتزويجا، وإنما شرط إرادة التحسن لأن الإكراه لا يكون إلا عند إرادة التحصن، فإن لم ترد بغت بالطبع.
وقوله: ﴿لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [النور: ٣٣] أي: من كسبهن وبيع أولادهن ﴿وَمَنْ يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: ٣٣] يعني للمكرهات.
﴿وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ﴾ [النور: ٣٤] يعني: ما ذكر في هذه ال ﴿ [من الحلال والحرام،] وَمَثَلا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [سورة النور: ٣٤] أي: شبها من حالهم بحالكم أيها المكذبون، وهذا تخويف لهم أن يلحقهم ما لحق من قبلهم من المكذبين، ﴿وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾ [النور: ٣٤] نهيا للذين يتقون الشرك والكبائر.
{اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ


الصفحة التالية
Icon