المفروضة بيانا أنهم يؤدونها في وقتها، لأن من أخر الصلاة عن وقتها لم يكن من مقيمي الصلاة.
وقوله: ﴿وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ﴾ [النور: ٣٧] قال ابن عباس: إذا حضر وقت الزكاة لم يحبسوها عن وقتها.
﴿يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ﴾ [النور: ٣٧] بين الطمع في النجاة والخوف من الهلاك، ﴿وَالأَبْصَارُ﴾ [النور: ٣٧] تتقلب من أين يؤتون كتبهم؟ أمن قبل الأيمان أم من قبل الشمائل؟ قوله: ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ﴾ [النور: ٣٨] أي: يسبحون الله ليجزيهم، ﴿أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا﴾ [النور: ٣٨] أي: ليجزيهم بحسناتهم، ولهم مساوئ من الأعمال لا يجزيهم بها، ﴿وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: ٣٨] ما لم يستحقوه بأعمالهم، ﴿وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [النور: ٣٨] مفسر فيما تقدم.
ثم ذكر الكفار وضرب المثل لأعمالهم، فقال: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ {٣٩﴾ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴿٤٠﴾ } [النور: ٣٩-٤٠] ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ﴾ [النور: ٣٩] السراب الذي يجري على وجه الأرض كأنه الماء ويكون نصف النهار، والقيعة جمع قاع نحو جار وجيرة، وهو ما انبسط من الأرض ويكون فيه السراب، وقوله: ﴿الظَّمْآنُ مَاءً﴾ [النور: ٣٩] يعني: الشديد العطش، يقال: ظمأ يظمأ ظمأ فهو ظمآن.
﴿حَتَّى إِذَا جَاءَهُ﴾ [النور: ٣٩] جاء إلى الشراب وإلى موضعه رأى أرضا لا ماء فيها، وهو قوله: ﴿لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾ [النور: ٣٩] أي: شيئا مما حسب وقدر، قال سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أعمال الكفار إذا احتاجوا إليها مثل الشراب إذا رآه الرجل وقد احتاج إلى الماء، فأتاه فلم يجده شيئا، فذلك مثل عمل الكافر، يرى أن له ثوابا وليس له ثواب.
قال ابن قتيبة: الكافر يحسب ما قدم من عمله نافعه كما يحسب العطشان الشراب من البعد ماء يرويه، حتى إذا جاءه، أي مات، لم يجد عمله شيئا لأن الله قد أبطله بالكفر ومحقه.
وقوله: ﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ﴾ [النور: ٣٩] قال الفراء: وجد الله عند عمله، يعني قدم على الله.
﴿فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ﴾ [النور: ٣٩] جازاه بعمله، وهذا في الظاهر خبر عن الظمآن، والمراد به الخبر عن الكفار، ولكن لما ضرب مثلا للكفار جعل الخبر عنه كالخبر عنهم، وقوله: ﴿وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [النور: ٣٩] مفسر في ﴿ [البقرة.
قوله:] أَوْ كَظُلُمَاتٍ﴾ [سورة النور: ٤٠] قال الزجاج: أعلم الله أن أعمال الكافر إن مثلت بما يوجد فمثلها مثل الشراب، وإن مثلت بما يرى فهي كهذه الظلمات التي وصف، وهذا قول عامة المفسرين أن التمثيل بالظلمات وقع لأعمال الكافر.
وقوله: ﴿فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ﴾ [النور: ٤٠] اللجي العظيم اللجة، ومعناه كثرة الماء، وقال ابن عباس، والمفسرون: هو العميق الذي يبعد عمقه.
﴿يَغْشَاهُ مَوْجٌ﴾ [النور: ٤٠] أي: يعلو ذلك البحر اللجي موج، ﴿مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ﴾ [النور: ٤٠] يعني: موجا من فوق الموج، ﴿مِنْ فَوْقِهِ﴾ [النور: ٤٠] من فوق الموج، ﴿سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾ [النور: ٤٠] يعني: ظلمة البحر، وظلمة الموج، وظلمة الموج، وفوق الموج ظلمة السحاب، ومن قرأ ﴿ظُلُمَاتٌ﴾ [النور: ٤٠] بالكسر والتنوين جعلها بدلا من الظلمات الأولى، ومن أضاف السحاب إلى الظلمات فارتفعت وقت تراكمها، كما تقول: سحاب رحمة، وسحاب مطر إذا ارتفع وظهر في الوقت الذي يكون فيه المطر والرحمة.
والمعنى أن الكافر يعمل في حيرة لا يهتدي لرشده، فهو في جهله وحيرته كمن هو في