جملة واحدة كما أنزلت التوراة والإنجيل والزبور.
والمعنى: هلا نزل عليه القرآن في وقت واحد، قال الله تعالى: ﴿كَذَلِكَ﴾ [الفرقان: ٣٢] أي: أنزلناه متفرقا، ﴿لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ [الفرقان: ٣٢] لنقوي به قلبك فيزداد بصيرة، وذلك أنه إذا كان يأتيه الوحي متجددا في كل أمر وحادثة كان ذلك أزيد في بصيرته وأقوى لقلبه، ﴿وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا﴾ [الفرقان: ٣٢] قال ابن عباس: بيناه تبيينا.
وقال السدي: فصلناه تفصيلا.
وقال مجاهد: بعضه في إثر بعض.
قال ابن الأعرابي: ما أعلم الترتيل إلا التحقيق والتبيين.
قوله: ﴿وَلا يَأْتُونَكَ﴾ [الفرقان: ٣٣] يعني المشركين، ﴿بِمَثَلٍ﴾ [الفرقان: ٣٣] يضربونه لك في إبطال أمرك ومخاصمتك، ﴿إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ﴾ [الفرقان: ٣٣] بالذي هو الحق لترد به خصومتهم وتبطل به كيدهم، ﴿وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ [الفرقان: ٣٣] مما أتوا به من المثل، أي بيانا وكشفا، والتفسير: تفصيل من الفسر، وهو كشف ما غطي.
قوله: ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ﴾ [الفرقان: ٣٤] قال مقاتل: هم كفار مكة، وذلك أنهم قالوا لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأصحابه: هم شر خلق الله.
فقال الله: ﴿أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا﴾ [الفرقان: ٣٤] منزلا ومصيرا، ﴿وَأَضَلُّ سَبِيلا﴾ [الفرقان: ٣٤] دينا وطريقا من المؤمنين.
٦٦٨ - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّصْرَابَاذِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَحَامِلِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، نا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، كَيْفَ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ فِي الدُّنْيَا قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا {٣٥﴾ فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا ﴿٣٦﴾ وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿٣٧﴾ وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا ﴿٣٨﴾ وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا ﴿٣٩﴾ وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورًا ﴿٤٠﴾ } [الفرقان: ٣٥-٤٠] قوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا﴾ [الفرقان: ٣٥] قال مقاتل، والكلبي: معينا على الرسالة.
﴿فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ [الفرقان: ٣٦] يعني: فرعون وقومه، وذلك أنهم كانوا مكذبين أنبياء الله وكتبه، ﴿فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا﴾ [الفرقان: ٣٦] أهلكناهم بالعذاب إهلاكا.
﴿وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ﴾ [الفرقان: ٣٧] قال الزجاج: من كذب نبيا فقد كذب جميع الأنبياء.
﴿أَغْرَقْنَاهُمْ﴾ [الفرقان: ٣٧] بالطوفان، ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ﴾ [الفرقان: ٣٧] من بعدهم، ﴿آيَةً﴾ [الفرقان: ٣٧] عبرة ودلالة على قدرتنا، قال ابن عباس: وهذا تعزية للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتخويف للمشركين.
﴿وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [الفرقان: ٣٧] سوى ما حل بهم في الدنيا.
وقوله: ﴿وَعَادًا وَثَمُودَ﴾ [الفرقان: ٣٨] تقدم تفسيره، ﴿وَأَصْحَابَ الرَّسِّ﴾ [الفرقان: ٣٨] قال السدي: هو بئر بأنطاكية، قتلوا فيها حبيبا النجار، فنسبوا إليها.
وهذا قول ابن عباس في رواية عكرمة، قال: سألته عن أصحاب الرس.
فقال: هم الذين قتلوا صاحب ياسين الذي قال: ﴿يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ [يس: ٢٠] ورسوه


الصفحة التالية
Icon