وإقامة هي.
﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ [الفرقان: ٦٧] يقال: قتر الرجل على عياله يقتر، وقتر قترا، وأقتر اقتارا، إذا ضيق ولم ينفق إلا قدر ما يمسك الرمق.
قال أبو عبيدة: وهي ثلاث لغات معناها لم يضيقوا في الإنفاق.
﴿وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: ٦٧] أي: كان إنفاقهم بين الإسراف والإقتار لا إسرافا يدخل في حد التبذير، ولا تطبيقا يصبر به في حد المانع لما يجب، وهذا هو المحمود من النفقة.
وعد عمر رضي الله عنه من الإسراف أن لا يشتهي الرجل شيئا إلا أكله، وقال: كفى بالمرء سرفا أن يأكل كلما يشتهي.
وقال قتادة: الإسراف النفقة في معصية الله، والإقتار الإمساك عن حق الله، والقوام من العيش ما أقامك وأغناك.
قوله: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا {٦٨﴾ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴿٦٩﴾ إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴿٧٠﴾ وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴿٧١﴾ } [الفرقان: ٦٨-٧١] ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ﴾ [الفرقان: ٦٨] روى سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن ناسا من أهل الشرك قتلوا وزنوا وأكثروا، ثم أتوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: إن الذي تدعوا إليه لحسن، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة.
فنزلت هذه الآية.
٦٦٩ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، نا وَالِدِي، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، نا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورِ عّنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: " أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهَا: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ "، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، عَنْ عُثْمَانَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ جَرِيرٍ
وقوله:﴾
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ﴿ [الفرقان: ٦٨] قال مقاتل: هذه الخصال جميعا.
يَلْقَ أَثَامًا ﴿ [الفرقان: ٦٨] أي: عقوبة وجزاء لما فعل.
قال الفراء: آثمه الله إثما وأثاما، أي جازاه جزاء الإثم.
وقال المفسرون: أثام واد في جهنم من دم وقيح.
ثم ذكر ما يجازى به، وفسر لقي الآثام بقوله:﴾
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴿ [الفرقان: ٦٩] ومن رفع﴾ يُضَاعَفْ ﴿ [الفرقان: ٦٩]، ﴾ وَيَخْلُدْ ﴿ [الفرقان: ٦٩] استأنف وقطعه مما قبله.
قوله:﴾
إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا [الفرقان: ٧٠] قال ابن عباس: نزلت هذه الآية بمكة، وكان المشركون قالوا: ما يغني عنا الإسلام وقد عدلنا بالله، وقتلنا النفس التي حرم الله، وآتينا الفواحش، فنزلت هذه الآية.
٦٧٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ، أنا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَّاجُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّاسٍ


الصفحة التالية
Icon