قرت عينه قرة.
قال ابن عباس: يريد أبرارا أتقياء.
وقال مقاتل: يقولون: اجعلهم صالحين فتقر أعيننا بذلك.
وقال القرظي: ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وأولاده مطيعين لله.
وقوله: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: ٧٤] أي: يقتدى بنا في الخير، قال مكحول: أئمة في التقوى يقتدي بنا المتقون.
وقال قتادة: قادة في الخير.
قال الفراء: إنما قال إماما ولم يقل أئمة، كما قال: ﴿إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٦] للاثنين، يعني أنه من الواحد الذي أريد به الجمع.
قال مقاتل: أخبر الله تعالى عن أعمالهم، ثم أخبر عن ثوابهم، فقال: ﴿أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا {٧٥﴾ خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴿٧٦﴾ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ﴿٧٧﴾ } [الفرقان: ٧٥-٧٧] ﴿أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ﴾ [الفرقان: ٧٥] وهي كل بناء عال مرتفع، قال مقاتل: يعني غرف الجنة.
وقال عطاء: يريد غرف الزبرجد والدر والياقوت.
﴿بِمَا صَبَرُوا﴾ [الفرقان: ٧٥] أي: على دينهم، وعلى أذى المشركين، وقال مقاتل: على أمر الله.
﴿وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا﴾ [الفرقان: ٧٥] وقرئ بالتخفيف، فمن شدد فحجته قوله: ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً﴾ [الإنسان: ١١]، ومن خفف فحجته قوله: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: ٥٩].
وقوله: ﴿تَحِيَّةً وَسَلامًا﴾ [الفرقان: ٧٥] يحيي بعضهم بعضا بالسلام، ويرسل إليهم الرب تعالى بالسلام.
قوله: ﴿خَالِدِينَ﴾ [الفرقان: ٧٦] مقيمين، ﴿فِيهَا﴾ [الفرقان: ٧٦] من غير موت ولا زوال، ﴿حَسُنَتْ﴾ [الفرقان: ٧٦] الغرف، ﴿مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾ [الفرقان: ٧٦].
قوله: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي﴾ [الفرقان: ٧٧] العبوء قلة المبالاة، يقال: عبأ عبئا ومعابأة.
قال أبو عبيدة: يقال: ما عبأت به شيئا، أي: لم أعره اهتماما، فوجوده وعدمه عندي سواء.
وقال الزجاج: تأويل ﴿مَا يَعْبَأُ بِكُمْ﴾ [الفرقان: ٧٧] أي: وزن يكون لكم عنده.
وقال مجاهد: ما يفعل بكم ربي.
وقال ابن عباس: ما يصنع بكم ربي.
﴿لَوْلا دُعَاؤُكُمْ﴾ [الفرقان: ٧٧] لولا دعاؤه إياكم إلى الإسلام، ومعنى الآية: أي مقدار ووزن لكم عند الله، لولا أنه خلقكم لتعبدوه وتطيعوه.
وهذا معنى قول ابن عباس، أي: إنما أريد منكم أن توحدوني.
وقال مقاتل، والكلبي، والزجاج: لولا عبادتكم وتوحيدكم إياه.
وفيه دليل على أن من لا يعبد الله، ولا يوحده، ولا يطيعه، لا وزن له عند الله.
وقوله: ﴿فَقَدْ كَذَّبْتُمْ﴾ [الفرقان: ٧٧] الخطاب لأهل مكة، أن الله دعاكم بالرسول إلى توحيده وعبادته، فقد كذبتم الرسول ولم تجيبوا دعوته، ﴿فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا﴾ [الفرقان: ٧٧] تهديد لهم، قال الزجاج: تأويله فسوف يكون تكذيبهم لزاما يلزمكم، فلا تعطون التوبة.
والمفسرون يقولون في تفسير اللزام أنه يوم بدر، والمعنى أنهم قتلوا يوم بدر، واتصل به عذاب الآخرة لازما لهم فلحقهم الوعيد الذي ذكر الله ببدر.


الصفحة التالية
Icon