بتوحيد الله، ولم يكن آمن من أهل مصر غير آسية امرأة فرعون، وخربيل المؤمن، ومريم بنت موشا التي دلت على عظام يوسف.
﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ [الشعراء: ٦٨] في انتقامه من أعدائه حين انتقم منهم، ﴿الرَّحِيمُ﴾ [الشعراء: ٦٨] بالمؤمنين حين أنجاهم من العذاب.
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ {٦٩﴾ إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ ﴿٧٠﴾ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ ﴿٧١﴾ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ﴿٧٢﴾ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ ﴿٧٣﴾ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴿٧٤﴾ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ﴿٧٥﴾ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ ﴿٧٦﴾ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴿٧٧﴾ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ﴿٧٨﴾ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ﴿٧٩﴾ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴿٨٠﴾ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ﴿٨١﴾ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴿٨٢﴾ } [الشعراء: ٦٩-٨٢] قوله: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ﴾ [الشعراء: ٦٩] حدث قومك حديثه وأخبرهم خبره.
{إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ ﴿٧٠﴾ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ ﴿٧١﴾ } [الشعراء: ٧٠-٧١] فنقيم عليها عابدين مقيمين على عبادتها.
﴿قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ﴾ [الشعراء: ٧٢] أي: يسمعون دعاءكم، {إِذْ تَدْعُونَ ﴿٧٢﴾ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ ﴿٧٣﴾ } [الشعراء: ٧٢-٧٣] قال ابن عباس: يريد هل يرزقوكم، أو يكشفون عنكم الضر، أو يملكون لكم ضرا، والمعنى: هل ينفعونكم بشيء إن عبدتموهم، أو يضرونكم إن لم تعبدوهم.
﴿قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ﴾ [الشعراء: ٧٤] كما نفعله، ﴿يَفْعَلُونَ﴾ [الشعراء: ٧٤] وهذا إخبار عن تقليدهم آباءهم في عبادة الأصنام وترك الاستدلال.
قَالَ لهم إبراهيم مبتدئا: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ﴿٧٥﴾ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ ﴿٧٦﴾ } [الشعراء: ٧٥-٧٦] يعني: الماضين الأولين.
﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي﴾ [الشعراء: ٧٧] أي: أعاديهم وأتبرأ منهم، ﴿إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٧٧] لكن رب العالمين أعبده ولا أتبرأ منه.
ثم ذكر نعمة الله عليه، فقال: ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ﴾ [الشعراء: ٧٨] إلى الدين والرشد لا ما تعبدون، أخبر أن الذي يهدي هو الله الذي خلق.
﴿وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ﴾ [الشعراء: ٧٩] أي: هو رازقي، فمن عنده طعامي وشرابي.
﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ [الشعراء: ٨٠] وذلك أنهم كانوا يقولون: المرض من الزمان ومن الأغذية، والشفاء من الأطباء والأدوية.
فأعلم إبراهيم أن الذي أمرض فهو الذي يشفي، وهو الله عز وجل، ولم يقل وإذا أمرضني، لأنه يقال مرضت، وإن كان المرض بخلق الله وقضائه، ولا يقال: أمرضني الله.
﴿وَالَّذِي يُمِيتُنِي﴾ [الشعراء: ٨١] في الدنيا، ﴿ثُمَّ يُحْيِينِ﴾ [الشعراء: ٨١] للبعث، قال صاحب النظم: كانوا لا يدفعون الموت إلا أنهم يجعلون له سببا سوى الله ويكفرون بالبعث، فأعلم إبراهيم أنه هو الذي يميت ويحيي.
﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ﴾ [الشعراء: ٨٢] قال مقاتل: أرجو، وهذا تلطف من إبراهيم في حسن الاستدعاء، وخضوع لله تعالى.
وقوله: ﴿أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي﴾ [الشعراء: ٨٢] المفسرون يقولون: يعني الكذبات الثلاثة، قوله: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩]، وقوله: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ﴾ [الأنبياء: ٦٣]، وقوله لسارة: هي أختي.
وزاد الكلبي والحسن، قوله للكواكب: هذا ربي.
وقال الزجاج: إن الأنبياء بشر، ويجوز أن تقع عليهم الخطيئة إلا أنهم لا يكون منهم الكبيرة، لأنهم معصومون.
وقوله: ﴿يَوْمَ الدِّينِ﴾ [الشعراء: ٨٢] يريد يوم الجزاء