أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَهُنَا آمِنْينَ ﴿١٤٦﴾ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿١٤٧﴾ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ﴿١٤٨﴾ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴿١٤٩﴾ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٥٠﴾ وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ﴿١٥١﴾ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ ﴿١٥٢﴾ } [سورة الشعراء: ١٤٦-١٥٢] ﴿أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَهُنَا﴾ [الشعراء: ١٤٦] قال مقاتل: يعني فيما أعطاهم الله من الخير.
﴿آمِنْينَ﴾ [الشعراء: ١٤٦] من الموت والعذاب.
ثم أخبر عن ذلك، فقال: {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿١٤٧﴾ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ﴿١٤٨﴾ } [الشعراء: ١٤٧-١٤٨] يعني: ما يطلع منها من الثمر، والهضيم: النضيج الرخص اللين اللطيف اليانع، كل هذا من ألفاظهم.
﴿وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ﴾ [الشعراء: ١٤٩] حاذقين بنحتها، وهو من قولهم: فره الرجل فراهة فهو فاره.
وقرئ فرهين قال أبو عبيدة: أشرين بطرين.
والهاء من فرهين بدل من الحاء، والفرح في كلام العرب بالحاء الأشر البطر، ومنه قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ [القصص: ٧٦].
قوله: ﴿وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الشعراء: ١٥١] قال ابن عباس: المشركين.
وقال مقاتل: هم التسعة الذين عقروا الناقة.
وهم ﴿الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ﴾ [الشعراء: ١٥٢] بالمعاصي، ﴿وَلا يُصْلِحُونَ﴾ [الشعراء: ١٥٢] لا يطيعون الله فيما أمرهم به.
﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ {١٥٣﴾ مَا أَنْتَ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿١٥٤﴾ قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ﴿١٥٥﴾ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿١٥٦﴾ فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ ﴿١٥٧﴾ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿١٥٨﴾ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٥٩﴾ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٦٠﴾ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ ﴿١٦١﴾ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴿١٦٢﴾ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٦٣﴾ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٦٤﴾ } [الشعراء: ١٥٣-١٦٤] قالوا لصالح: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٣] أي: ممن سحروا مرة بعد مرة.
وقال ابن عباس: من المخلوقين المعللين بالطعام والشراب.
والمعنى: لست بملك إنما أنت بشر مثلنا.
قال مقاتل: قالوا إنما أنت بشر مثلنا لا تفضلنا في شيء، لست بملك ولا رسول.
﴿فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٤] إنك رسول الله إلينا، قال ابن عباس: إنهم قالوا: إن كنت صادقا فادع الله يخرج لنا من هذا الجبل ناقة حمراء عشراء فتضع ونحن ننظر، وترد هذا الماء فتشرب، وتغدو علينا بمثله لبنا.
فخرج بهم إلى هضبة من الأرض، فإذا هي تخض كما يخض الحامل، فانشقت عن الناقة.
قال: ﴿هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ﴾ [الشعراء: ١٥٥] حظ ونصيب من الماء، ﴿وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الشعراء: ١٥٥] قال قتادة: إذ كان يوم شربها شربت مائهم كله أول النهار وتسقيهم اللبن آخر النهار، وإذا كان يوم شربهم كان لأنفسهم ومواشيهم.
وما بعد هذا مفسر فيما مضى إلى قوله: {


الصفحة التالية
Icon