الْعَطَّارُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ ذَكَرَ الْهُدْهَدَ، فَقَالَ: إِنَّ سُلَيْمَانَ طَلَبَهُ؛ لأَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ مِسْقَاةَ الْمَاءِ، وَإِنَّ الصَّبِيَّ يَضَعُ لَهُ الْفَخَّ، فَيُغَطِّي عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنَ التُّرَابِ فَيَجِيءُ فَيَقَعُ فِيهِ، فَيُقَالُ: وَيْحَكَ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَدَرَ يَحُولُ دُونَ الْبَصَرِ
٦٨٨ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ، أنا أَبُو الْحُرَيْشِ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْكِلابِيُّ، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ فُلَيْحٍ الْمَكِّيُّ، نا الْيَسَعُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِذَا نَزَلَ الْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ ذَهَبَ اللُّبُّ وَعَمِيَ الْبَصَرُ
وقوله: ﴿أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ﴾ [النمل: ٢٠] قال الزجاج: معناه بل كان من الغائبين.
وقال المبرد: لما تفقد سليمان الطير ولم ير الهدهد فقال: ﴿مَا لِي لا أَرَى الْهُدْهُدَ﴾ [النمل: ٢٠] على تقدير أنه مع جنوده، وهو لا يراه، ثم أدركه الشك، فشك في غيبته عن ذلك الجمع حيث لم يره، فقال: ﴿أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ﴾ [النمل: ٢٠] أي: بل أكان من الغائبين، كأنه ترك الكلام الأول واستفهم عن حال غيبته.
ثم أوعده، فقال: ﴿لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا﴾ [النمل: ٢١] قال المفسرون: تعذيبه إياه أن ينتف ريشه، ثم يلقيه في الشمس، فلا يمتنع من نملة ولا من شيء من هوام الأرض.
أو لأذبحنه لأقطعن حلقه، ﴿أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ [النمل: ٢١] بحجة بينة في غيبته، أصله ليأتينني بنونين كما يقرأ ابن كثير، ولكن حذفت النون التي قبل ياء المتكلم لاجتماع النونات.
﴿فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ {٢٢﴾ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ﴿٢٣﴾ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ ﴿٢٤﴾ أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴿٢٥﴾ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴿٢٦﴾ } [النمل: ٢٢-٢٦] ﴿فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ [النمل: ٢٢] أي: لم يلبث إلا يسيرا حتى جاء الهدهد، ﴿فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ﴾ [النمل: ٢٢] أي: علمت شيئا من جميع جهاته، ما لم تعلم.
قال ابن عباس: فأتاه الهدهد بحجة، فقال: اطلعت على ما لم تطلع عليه.
وقال مقاتل: قال الهدهد: علمت ما لم تعلم، وجئتك بأمر لم تعلم، وجئتك بأمر لم تخبرك به الجن، ولم تعلمك به الإنس، وبلغت ما لم تبلغه أنت ولا جنودك.
وهو قوله: ﴿وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ﴾ [النمل: ٢٢] وقرئ من سبأ بالتنوين، قال الزجاج: من لم يصرف فلأنه اسم مدينة تعرف بمأرب من اليمن، بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة أيام، من صرف ثلاثة اسم البلد فيكون منكرا سمي به مذكر، وروي في الحديث أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل


الصفحة التالية
Icon