عُوَيْدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ الْجُونِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا سُئِلْتَ: أَيَّ الأَجَلْيِن قَضَى مُوسَى؟ فَقُلْ: خَيْرَهُمَا وَأَبَرَّهُمَا، وَإِنْ سُئِلْتَ: أَيَّ الْمَرْأَتَيْنِ تَزَوَّجَ؟ فَقُلِ: الصُّغْرَى مِنْهُمَا، وَهِيَ الَّتِي جَاءَتْ فَقَالَتْ: ﴿يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ﴾ "
وقوله: وسار بأهله قال مقاتل: استأذن صهره في العودة إلى مصر لزيارة والدته وأخيه، فإذن له فسار.
وهذه الآية مفسرة في سورتي طه والنمل، ﴿آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ [القصص: ٢٩] جذوة فيها ثلاث قراءات: فتح الجيم، وضمها، وكسرها، وهي كلها لغات.
قال أبو عبيدة: الجذوة القطعة الغليظة من الخشب فيها لهب.
قال ابن عباس: قطعة فيها نار.
وقوله: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا﴾ [القصص: ٣٠] أي: أتى موسى النار، ﴿نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي﴾ [القصص: ٣٠] وهو جانبه، الأيمن الذي عن يمين موسى، ﴿فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ﴾ [القصص: ٣٠] البقعة: القطعة من الأرض، المباركة لموسى عليه السلام، لأن الله كلمه هناك وبعثه نبيا، وقال عطاء: يريد المقدسة.
وقوله: من الشجرة أي: من ناحية الشجرة أوعند الشجرة، وهي العناب في قوله ابن عباس.
وقال مقاتل والكلبي: هي عوسجة.
وما بعد هذا مفسر فيما مضى إلى قوله: ﴿إِنَّكَ مِنَ الآمِنْينَ﴾ [القصص: ٣١] أي: من أن ينالك مكروه.
﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ﴾ [القصص: ٣٢] قال المفسرون: لما ألقى موسى عصاه فصارت جانا، رهب وفزع، فأمره الله أن يضم إليه جناحيه ليذهب عنه الفزع.
قال مجاهد: كل من فزع فضم إليه جناحيه ذهب عنه الفزع، وقرأ هذه الآية.
وجناح الإنسان عضده، ويقال: اليد كلها جناح، وقرئ من الرهب وهو بمعنى الرهب، كالرشد والرشد.
وقال عطاء، عن ابن عباس: يريد اضمم يدك إلى صدرك من الخوف، ولا خوف عليك.
والمعنى أن الله تعالى أمره أن يضم يده إلى صدره فيذهب ما ناله من الخوف عند معاينة الحية.
وقوله: ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ﴾ [القصص: ٣٢] يعني: اليد والعصا، حجتان من الله لموسى عليه السلام على صدقه، وكان أبو عمرو يخص هذا الحرف بالتشديد، ويحكي أنه لغة قريش.
قال الزجاج: التشديد تثنية ذلك، والتخفيف تثنية ذاك، جعل بدل اللام في ذلك تشديد النون في ذانك.
﴿إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ﴾ [القصص: ٣٢] أي: أرسلناك إلى فرعون وملئه بهاتين الآيتين، ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ [القصص: ٣٢] عاصين.
﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ {٣٣﴾ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنْي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ﴿٣٤﴾ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ ﴿٣٥﴾ } [القصص: ٣٣-٣٥]


الصفحة التالية
Icon