وَزِينَتُهَا ﴿ [القصص: ٦٠] تتمتعون به أيام حياتكم، ثم هي إلى فناء وانقضاء،﴾ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ ﴿ [القصص: ٦٠] من الثواب، خير وأبقى أفضل وأدوم لأهله مما أعطيتم في الدنيا، أفلا تعقلون أن الباقي أفضل من الفاني الذاهب.
أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا ﴿ [القصص: ٦١] يعني الجنة، يقول: أفمن وعدنا على إيمانه وطاعته الجنة والثواب الجزيل، فهو لاقيه مدركه ومصيبه،﴾ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴿ [القصص: ٦١] كمن هو متمتع بشيء يفنى ويزول عن قريب،﴾ ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴿ [القصص: ٦١] النار، فقال قتادة: يعني المؤمن والكافر، فالمؤمن سمع كتاب الله فصدقه وآمن بموعود الله فيه، وليس كالكافر الذي يتمتع بالدنيا، ثم هو يوم القيامة من المحضرين في عذاب الله.
أخبرنا أبو بكر بن الحارث، أنا أبو الشيخ الحافظ، أنا محمد بن سليمان، نا عبد الله بن حازم، نا بدل بن المحبر، نا شعبة، عن أبان، عن مجاهد في قوله:﴾
أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا ﴿ [القصص: ٦١] الآية، قال: نزلت في عليّ وحمزة وأبي جهل.
وقوله:﴾
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴿٦٢﴾ قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ﴿٦٣﴾ وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ ﴿٦٤﴾ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ﴿٦٥﴾ فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَ ﴿٦٦﴾ فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ﴿٦٧﴾ ﴿ [القصص: ٦٢-٦٧] ﴾ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ ﴿ [القصص: ٦٢] ينادي الله المشركين يوم القيامة،﴾ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴿ [القصص: ٦٢] في الدنيا أنهم شركائي.
قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ ﴿ [القصص: ٦٣] حقت عليهم كلمة العذاب، يعني رؤساء الضلالة،﴾ رَبَّنَا هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا ﴿ [القصص: ٦٣] يعنون الأتباع،﴾ أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا ﴿ [القصص: ٦٣] أضللناهم كما ضللنا، تبرأنا إليك منهم، قال الزجاج: برئ بعضهم من بعض وصاروا أعداء، كما قال عز وجل:﴾ الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ﴿ [الزخرف: ٦٧].
وقيل لكفار بني آدم: ادعوا شركاءكم استغيثوا بآلهتكم التي كنتم تعبدونها ليخلصوكم من العذاب،﴾
فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ ﴿ [القصص: ٦٤] لم يجيبوهم إلى نصرهم،﴾ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ ﴿ [القصص: ٦٤] جواب لو محذوف على تقدير لو أنهم كانوا يهتدون، أي في الدنيا، ما رأوا العذاب.
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ ﴿ [القصص: ٦٥] يعني: يسأل الله الكفار،﴾ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ﴿ [القصص: ٦٥] ما كان جوابكم لمن أرسل إليكم من النبيين، فعميت خفيت واشتهيت،﴾ عَلَيْهِمُ الأَنْبَاءُ ﴿ [القصص: ٦٦] قال مجاهد، ومقاتل: الحجج.
وسميت حججهم أنباء لأنها أخبار يخبرونها وهم لا يجتنبون ولا ينطقون بحجة، لأن الله أدحض حجتهم، وكلل ألسنتهم.
قال الفراء: جاء في التفسير عميت عليهم الحجج يومئذ، فسكتوا، فذلك قوله:﴾
فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَ ﴿ [القصص: ٦٦] لا يسأل بعضهم بعضا عن الحجج.
فَأَمَّا مَنْ تَابَ ﴿ [القصص: ٦٧] عن الشرك، وآمن وصدق بتوحيد الله، وعمل صالحا أدى الفرائض،﴾ فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ﴿ [القصص: ٦٧] من الناجحين الفائزين، وعسى من الله واجب.
قوله:﴾


الصفحة التالية
Icon