لِلَّهِ} [لقمان: ١٢] قال مقاتل: قلنا له أن اشكر لله فيما أعطاك من الحكمة.
﴿وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ [لقمان: ١٢] ومن يطع الله فإنما يعمل لنفسه، ومن كفر النعمة فلم يوحده، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ﴾ [لقمان: ١٢] عن عبادة خلقه، حميد عند خلقه.
ثم ذكر معنى إعطاء الحكمة، فقال: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ﴾ [لقمان: ١٣] أي: ولقد آتيناه الحكمة إذ قال، وهو يعظه قال ابن عباس: في الله ﴿يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ﴾ [لقمان: ١٣] لا تعدل بالله شيئا في العبادة، ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣] يقول: ليس شيء من الذنوب أعظم من الشرك بالله.
وقوله: ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ﴾ [لقمان: ١٤] تقدم تفسيره ونزوله.
﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ﴾ [لقمان: ١٤] قال الزجاج: لزمها بحملها إياه أن تضعف مرة بعد مرة.
﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ [لقمان: ١٤] الفصال الفطام، وهو أن يفصل الولد عن الأم كي لا يرضع، وهو ابتداء وخبره في الظرف على تقدير وفصاله يقع في عامين، أن في انقضاء عامين، والمعنى: ذكر مشقة الوالدة بإرضاع الولد بعد الوضع عامين.
﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ [لقمان: ١٤] قال ابن عباس: المعنى أطعني وأطع والديك.
وقال مقاتل: أن اشكر لي إذ هديتك للإسلام ولوالديك، وبما أولياك من النعم.
والمعنى: ووصيناه بشكرنا وشكر والديه.
إلي المصير المرجع والمنقلب، أي: فأجزيك بعملك.
﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ﴾ [لقمان: ١٥] مفسر في ﴿ [العنكبوت إلى قوله:] وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [سورة لقمان: ١٥] أي: اصحبها في الدنيا بالمعروف، وهو المستحسن.
﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ﴾ [لقمان: ١٥] دين من أقبل إلى طاعتي، وهو النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال عطاء، عن ابن عباس: يريد أبا بكر رضي الله عنه، وذلك أنه حين أسلم أتاه عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعثمان، وطلحة، والزبير، فقالوا له: آمنت وصدقت محمدا؟ فقال: نعم.
فأتوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فآمنوا وصدقوا، فأنزل الله تعالى يقول: ﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ﴾ [لقمان: ١٥] يعني أبا بكر رضي الله عنه.
قوله: ﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ﴾ [لقمان: ١٦] قال السدي: قال ابن لقمان لأبيه: أرأيت لو كان حبة من خردل في مقل البحر، أكان الله يعلمها؟ فقال: ﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ﴾ [لقمان: ١٦] قال الزجاج: المعنى إن التي سألتني عنها إن تك مثقال حبة من ﴿خَرْدَلٍ﴾ [لقمان: ١٦] قرئ مثقال بالرفع والنصب، فمن نصب فاسم كان مضمر على تقدير إن تكن التي سألت مثقال حبة من خردل، ومن رفع مع تأنيث تكن فلأن مثقال حبة من خردل راجع إلى معنى خردله، فهو بمنزلة إن تكن حبة من خردل، وتك ههنا بمعنى يقع، ولا خبر له، وقوله: ﴿فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ﴾ [لقمان: ١٦] قال السدي: هذه الصخرة ليست في السموات ولا في الأرض، هي تحت سبع أرضين، عليها ملك قائم.
وقال قتادة: فتكن في صخرة، أي في جبل.
﴿يَأْتِ بِهَا اللَّهُ﴾ [لقمان: ١٦] قال الزجاج: هذا مثل لأعمال العباد، وأن الله يأتي بأعمالهم مكتوبة يوم القيامة، ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ {٧﴾ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴿٨﴾ } [الزلزلة: ٧-٨] وقد قال مقاتل: قال ابن لقمان لأبيه: يا أبت أرأيت إن عملت بالخطيئة حيث لا يراني أحد كيف يعلمه الله؟ فرد عليه لقمان ما أخبر الله عنه، فيكون المعنى: إن تكون الخطيئة مثقال حبة من خردل يأت بها الله للجزاء عليها.
﴿إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ﴾ [لقمان: ١٦] باستخراجها، خبير بمكانها.
﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ﴾ [لقمان: ١٧] المفروضة، وأمر بالمعروف بالإيمان بالله، وطاعته واتباع


الصفحة التالية
Icon