أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ، نا الْفَضْلُ بْنُ عِيسَى الرَّقَاشِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: خَطَبَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: " لَيَعْتَذِرَنَّ اللَّهُ إِلَى آدَمَ ثَلاثَ مَعَاذِيرَ؛ يَقُولُ اللَّهِ: يَا آدَمُ، لَوْلا أَنِّي لَعَنْتُ الْكَذَّابِينَ وَأَبْغَضْتُ الْكَذِبَ وَالْخُلْفَ وَأُعَذِّبُ عَلَيْهِ لَرَحِمْتُ الْيَوْمَ وَلَدَكَ أَجْمَعِينَ مِنْ شِدَّةِ مَا أَعْدَدْتُ لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَئِنْ كُذِّبَتْ رُسُلِي وَعُصِيَ أَمْرِي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَيَقُولُ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ: يَا آدَمُ، اعْلَمْ أَنِّي لا أُدْخِلُ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ النَّارَ وَلا أُعَذِّبُ مِنْهُمْ بِالنَّارِ أَحَدًا إِلا مَنْ قَدْ عَلِمْتُ بِعِلْمِي أَنِّي رَدَدْتُهُ إِلَى الدُّنْيَا لَعَادَ إِلَى شَرٍّ مِمَّا كَانَ فِيهِ وَلَمْ يَرْجِعْ وَلَمْ يَعْتِبْ، وَيَقُولُ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ: يَا آدَمُ، قَدْ جَعَلْتُكَ حَكَمًا بَيْنِي وَبَيْنَ ذُرِّيَّتِكَ، قُمْ عِنْدَ الْمِيزَانِ فَانْظُرْ مَا يُرْفَعُ إِلَيْكَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، فَمَنْ رَجَحَ خَيْرُهُ عَلَى شَرِّهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فَلَهُ الْجَنَّةِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنِّي لا أُدْخِلُ مِنْهُمُ النَّارَ إِلا ظَالِمًا "
قوله: ﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ﴾ [السجدة: ١٤] قال مقاتل: إذا دخلوا النار قالت لهم الخزنة: فذوقوا العذاب بما نسيتم.
﴿لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا﴾ [السجدة: ١٤] بما تركتم الإيمان بيومكم هذا.
وقال السدي: بما تركتم أن تعملوا للقاء يومكم هذا.
إنا نسيناكم تركناكم في العذاب، ﴿وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ﴾ [السجدة: ١٤] الذي لا ينقطع، ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: ١٤] من الكفر والتكذيب.
ثم ذكر المؤمنين، فقال: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ {١٥﴾ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴿١٦﴾ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿١٧﴾ } [السجدة: ١٥-١٧] ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا﴾ [السجدة: ١٥] وعظوا، ﴿بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا﴾ [السجدة: ١٥] سقطوا على وجوههم ساجدين، ﴿وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ [السجدة: ١٥] وقالوا: سبحان الله وبحمده.
﴿وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [السجدة: ١٥] أن يعفروا وجوهم ساجدين.
قوله: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ [السجدة: ١٦] ترتفع جنوبهم، يقال: جفا الشيء عن الشيء وتجافى عنه إذا لم يلزمه ونبا عنه، والمضاجع جمع المضجع، وهو الموضع الذي يضطجع عليه، يعني الفرش، وهم المتهجدون بالليل الذين يقومون للصلاة عن الفراش، وهو قول الحسن، ومجاهد، وعطاء، ورواية معاذ بن جبل، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٧٣٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْخَشَابُ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْفَهَانِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، نا قُتَيْبَةُ، نا جَرِيرٌ، عَنِ الْحَكَمِ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَقَدْ أَصَابَنَا الْحَرُّ فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَقْرَبُهُمْ مِنِّي فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْبِئْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، فَقَالَ: " لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ،