الْوَلِيدِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قَوْلِهِ ﴿وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ﴾ قَالَ: «كُنْتُ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ فِي الْخَلْقِ، وَآخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ»
قال الزجاج: وأخذ الميثاق حيث أخرجوا من صلب آدم كالذر، ﴿وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [الأحزاب: ٧] عهدا شديدا على الوفاء بما حملوا، وذلك العهد الشديد هو اليمين بالله عز وجل.
﴿لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٨] يقول: أخذنا ميثاقهم لكي يسأل الصادقين، يعني النبيين، هل بلغوا الرسالة، والمعنى: ليسأل المبلغين من الرسل عن صدقهم في تبليغهم يوم القيامة، وتأويل مسألة الرسل، والله يعلم إنهم لصادقون، التبكيت للذين كفروا بهم، وتم الكلام، ثم أخبر عما أعد للكفار، فقال: ﴿وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ﴾ [الأحزاب: ٨] بالرسل، عذابا أليما.
قوله: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا {٩﴾ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ﴿١٠﴾ } [الأحزاب: ٩-١٠] ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ [الأحزاب: ٩] يذكرهم الله إنعامه عليهم في دفع الأحزاب عنهم من غير قتال، ﴿إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ﴾ [الأحزاب: ٩] وهم الذين تحزبوا على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيام الخندق: عيينة بن حصن، وأبو سفيان ومن معهما من المشركين، وقريظة، ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا﴾ [الأحزاب: ٩] وهي الصبا، أرسلت على الأحزاب حتى أكفأت قدورهم، ونزعت فساطيطهم، ﴿وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾ [الأحزاب: ٩] يعني الملائكة.
٧٤٣ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّمْجَارِيُّ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَاسِيٍّ، نا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ، نا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، نا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: قَالَ شَابٌّ لِحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هَلْ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِي وَاللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ، قَالَ: وَاللَّهِ، لَوْ رَأَيْنَاهُ لَحَمَلْنَاهُ عَلَى رِقَابِنَا، وَمَا تَرَكْنَاهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ، فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: يَابْنَ أَخِي، أَفَلا أُحَدِّثُكَ عَنِّي وَعَنْهُ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: وَاللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَبِنَا مِنَ الْجَهْدِ وَالْجُوعِ وَالْخَوْفِ مَا لا يَعْلَمُهُ إِلا اللَّهُ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ قَالَ: " أَلا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ، جَعَلَهُ اللَّهُ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ، فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنَّا أَحَدٌ مِمَّا بِنَا مِنَ الْخَوْفِ وَالْجَهْدِ وَالْجُوعِ، ثُمَّ صَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: أَلا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ، جَعَلَهُ اللَّهُ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ، قَالَ حُذَيْفَةُ: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنَّا أَحَدٌ مِمَّا بِنَا مِنَ الْجَهْدِ وَالْخَوْفِ وَالْجُوعِ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ أَحَدٌ دَعَانِي فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا مِنْ إِجَابَتِهِ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ، قَالَ: اذْهَبْ فَجِئْنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَلا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَرْجِعَ، قَالَ: فَأَتَيْتُ الْقَوْمَ فَإِذَا رِيحُ اللَّهِ وَجُنُودُهُ تَفْعَلُ بِهِمْ مَا تَفْعَلُ مَا يَسْتَمْسِكُ لَهُمْ بِنَاءٌ وَلا تَثْبُتُ لَهُمْ نَارٌ وَلا تَطْمَئِنُّ لَهُمْ قِدْرٌ، فَإِنِّي لَكَذِلَك إِذْ خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ مِنْ رَحْلِهِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لِيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ جَلِيسُهُ؟ قَالَ أَبُو عُمَرَ: يُخَوِّفُهُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِم عُيُونٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ حُذَيْفَةُ: فَبَدَأْتُ بِالَّذِي إِلَى جَنْبِي، فَقُلْتُ: مَنْ


الصفحة التالية
Icon