حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ} [سورة آل عمران: ١٤٢] إلى قوله تعالى: ﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ٢١٤] ما سيكون من الشدة التي تلحقهم من عدوهم، فلما رأى المؤمنون الأحزاب وما أصابهم من الشدة والبلاء، ﴿قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا﴾ [الأحزاب: ٢٢] الله ورسوله، ﴿وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا﴾ [الأحزاب: ٢٢] تصديقا بوعد الله وتسليما لأمره.
قوله: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا {٢٣﴾ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴿٢٤﴾ } [الأحزاب: ٢٣-٢٤] ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: ٢٣] يعني ليلة العقبة حين عاهدوا على الإسلام فأقاموا عليه بخلاف من كذب في عهده وخان، وهم المنافقون، ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ﴾ [الأحزاب: ٢٣] أي: مات أو قتل في سبيل الله فأدرك ما تمنى، فذلك قضاء النحب، قال محمد بن إسحاق: فرغ من عمله ورجع إلى الله يعني من استشهد يوم أحد.
وقال الحسن: قضى أجله على الوفاء والصدق.
قال ابن قتيبة: نحبه أي قتل وأصل النحب النذر، كان قوم نذروا: إن يلقوا العدو أن يقاتلوا حين يقتلوا، أو يفتح الله، فقتلوا، فقيل: فلان قد قضى نحبه إذا قتل.
٧٤٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أنا الْحَاطِبُ بْنُ أَحْمَدَ، نا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ، نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَمَّهُ غَابَ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ: غِبْتَ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعَ الْمُشْرِكِينَ، لَئِنْ أَرَانِي اللَّهُ قِتَالا لِلْمُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاءِ؛ يَعْنِي: الْمُسْلِمِينَ، وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلاءِ؛ يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَلَقِيَهُ سَعْدٌ دُونَ أَحَدٍ، فَقَالَ: أَنَا مَعَكَ، قَالَ سَعْدٌ: فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَصْنَعَ مَا صَنَعَ فَوَجَدَ فِيهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مَا بَيْنَ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ، وَطَعْنَةٍ بِرُمْحٍ، وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ، كُنَّا نَقُولُ: فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ نَزَلَتْ: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هَذَا فِي حَمْزَةَ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ قُتِلُوا بِأُحُدٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَمَنْ قَضَى نَحْبَهُ: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَمَنْ قُتِلَ مَعَهُ، وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ وَأَصْحَابُهُ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ﴾، قَالَ: مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ بَدْرٍ وَيَوْمَ أُحُدٍ
﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾ [الأحزاب: ٢٣] ما وعد الله من نصرة أو شهادة على ما مضى عليه أصحابه، ﴿وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا﴾ [الأحزاب: ٢٣] وما غيروا العهد الذي عاهدوا ربهم كما غير المنافقون.
﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٢٤] أي: صدق المؤمنون في عهودهم ليجزيهم بصدقهم، ويعذب المنافقين بنفس العهد، إن


الصفحة التالية
Icon