ليكلا يظن أن امرأة المتبنى لا يحل نكاحها، والأدعياء جمع الدعي، وهو الذي يدعى ابنا من غير ولادة.
قال الحسن: كانت العرب تظن أن حرمة المتبنى كحرمة الابن، فبين الله أن حلائل الأدعياء غير محرمة على المتبني وإن أصابوهن.
وهو قوله تعالى: ﴿إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا﴾ [الأحزاب: ٣٧] بخلاف ابن الصلت، فإن امرأته تحرم بنفس القصد، وقوله: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا﴾ [الأحزاب: ٣٧] يعني: قضاء الله في زينب أن يتزوجها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان ماضيا مفعولا.
ثم بين أنه لم يكن عليه حرج في هذا النكاح بقوله: ﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ﴾ [الأحزاب: ٣٨] قال المفسرون: أحل الله له، أي: لا حرج عليه فيما أحل الله له، ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ﴾ [الأحزاب: ٣٨] سن الله لمحمد عليه السلام في التوسعة عليه في باب النكاح كسنته في الأنبياء الماضين عليهم، يعني داود النبي حين هوي المرأة التي فتن بها، جمع الله بينه وبينها، كذلك جمع بين زينب ومحمد عليه السلام، وهذا قول ابن عباس، ومجاهد، والكلبي، والمقاتلين.
﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ [الأحزاب: ٣٨] قضاء مقضيا، قال مقاتل: أخبر الله تعالى أن أمر زينب من حكم الله وقدره.
ثم ذكر الأنبياء الماضين عليهم السلام، وأثنى عليهم، فقال: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا {٣٩﴾ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴿٤٠﴾ } [الأحزاب: ٣٩-٤٠] ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ﴾ [الأحزاب: ٣٩] تحول خشيتهم من الله بينهم وبين المعصية، ﴿وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ﴾ [الأحزاب: ٣٩] لا يخشون قالة الناس ولائمتهم فيما أحل الله لهم، ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ [الأحزاب: ٣٩] مجازيا لمن يخشاه.
ولما تزوج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زينب، قال الناس: إن محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوج امرأة ابنه، فأنزل الله تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤٠] يعني أنه ليس بأب لزيد فتحرم عليه زوجته، قال المفسرون: لم يكن أبا أحد لم يلده، وقد ولد له ذكور: إبراهيم، والقاسم، والطيب، والمطهر.
﴿وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٤٠] ولكن كان رسول الله، وخاتم النبيين آخرهم فلا نبي بعده، قال ابن عباس: يريد لو لم أختم به النبيين لجعلت له ولدا يكون بعد نبيا.
وقرأ عاصم بفتح التاء، قال أبو عبيدة: الوجه الكسر لأن التأويل أنه ختمهم فهو خاتمهم، ولأنه قال: «أنا خاتم النبيين».
لم نسمع أحد يروي إلا بكسر التاء، ووجه الفتح أن معناه آخر النبيين خاتم الشيء آخره، ومنه قوله: خاتمه مسك، وقال الحسن: الخاتم هو الذي ختم به.
٧٥٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ الْمُفَضَّلِ، أنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، نا عُمَرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، أنا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَا، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّمَا مَثَلِي فِي الأَنْبِيَاءِ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا فَأَكْمَلَهَا وَحَسَّنَهَا إِلا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ، فَكُلُّ مَنْ دَخَلَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا؛ قَالَ: مَا أَحْسَنَهَا إِلا مَوْضِعَ هَذِهِ اللَّبِنَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنَا