المعنى خالصة لك من دون المؤمنين لكيلا يكون عليك حرج، أي: أحللنا لك ما ذكرنا ليرتفع عنك الحرج.
﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا﴾ [الأحزاب: ٥٠] للنبي في التزوج بغير مهر، رحيما به في تحليل ذلك له.
قوله: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥١] نزلت في إباحة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مصاحبة نسائه ومعاشرتهن كيف شاء من غير حرج عليه، تخصيصا له وتفضيلا له، أباح له أن يجعل لمن أحب منهن يوما أو أكثر، ويعطل من شاء منهن فلا يأتيها، فقوله: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥١] أي: تؤخر ثوبة من تشاء من نسائك من غير طلاق وتتركها فلا تأتيها، ﴿وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [الأحزاب: ٥١] تضمها إليك فتأتيها، وكان القسم والتسوية واجبا عليه، فلما نزلت هذه الآية سقط عنه وصار الاختيار إليه فيهن.
٧٥٨ - أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، أنا جَدِّي، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، نا قُتَيْبَةُ، نا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: فَكَانَ مِمَّنْ آوَى: عَائِشَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَزَيْنَبُ، وَحَفْصَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ، وَكَانَ قَسْمُهُ مِنْ نَفْسِهِ سَوَاءً بَيْنَهُنَّ، وَكَانَ مِمَّنْ أَرْجَى: سَوْدَةُ، وَجُوَيْرِيَةُ، وَصَفِيَّةُ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ، وَمَيْمُونَةُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لَهُنَّ مَا شَاءَ، وَكَانَ أَرَادَ أَنْ يُفَارِقَهُنَّ، فَقُلْنَ: اقْسِمْ لَنَا مَا شِئْتَ مِنْ نَفْسِكَ وَدَعْنَا نَكُونُ عَلَى حَالِنَا.
وقوله: ﴿وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ﴾ [الأحزاب: ٥١] إن أردت أن تؤوي إليك امرأة ممن عزلتهن من القسمة وتضمها إليك فلا لوم ولا عتب، ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥١] ذلك التخيير الذي خيرناك في صحبتهن أدنى إلى رضاهن، إذ كان منزلا من الله عليك، ﴿وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥١] بما أعطيتهن من تقريب وإرجاء وإيواء، قال قتادة: إذا علمن أن هذا جاء من الله كان أطيب لأنفسهن وأقل لحزنهن.
﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الأحزاب: ٥١] من أمر النساء والميل إلى بعضهن، أي: إنما خيرناك فيهن تيسيرا عليك في كل ما أردت منهن، ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا﴾ [الأحزاب: ٥١] بخلقه، حليما عن عقابهم.
قوله: ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] قال مجاهد: لا تحل لك اليهوديات، ولا النصرانيات بعد المسلمات.
﴿وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٢] يقول: لا تتبدل الكتابيات بالمسلمات.
يقول: لا تكون أم المؤمنين يهودية ولا نصرانية.
﴿إِلا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ [الأحزاب: ٥٢] يعني: ما ملكت يمينه من الكتابيات، حل له أن يتسراهن.
وقال معمر، والشعبي: لما خيرهن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاخترن الله ورسوله، شكر الله لهن ذلك، فقصره عليهن، وأنزل هذه الآية.
وعلى هذا القول معناه: لا يحل لك من النساء سوى هؤلاء اللاتي اخترنا لك، وليس أن تطلق واحدة منهن وتتزوج بدلها.
قال الزهري: قبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما نعلمه يتزوج النساء.
وقالت عائشة رضي الله عنها: ما مات رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أحل الله له النساء.
وقوله: {وَلَوْ أَعْجَبَكَ


الصفحة التالية
Icon