وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: ٥٣] لا يترك أن يبين لكم ما هو الحق، ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ [الأحزاب: ٥٣] قال مقاتل: أمر الله المؤمنين أن لا يكلموا نساء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا من وراء حجاب.
٧٦٠ - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أنا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ، نا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ، نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، نا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحِجَابِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ حُمَيْدٍ
وقوله: ذلكم أي: سؤالكم إياهن من المتاع من وراء حجاب، ﴿أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٣] من الريبة، ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٥٣] ليس لكم أذاه في شيء من الأشياء، ﴿وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا﴾ [الأحزاب: ٥٣] قال عطاء، عن ابن عباس: كان رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لو توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لتزوجت عائشة رضي الله عنها.
فأنزل الله ما أنزل.
قال مقاتل بن سليمان: هو طلحة بن عبيد الله.
قال الزجاج: أعلم الله أن ذلك محرم بقوله: ﴿إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٥٣] أي: ذنبا عظيما.
ثم أعلمهم أنه يعلم سرهم وعلانيتهم بقوله: ﴿إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا﴾ [الأحزاب: ٥٤] أي: تظهروا شيئا من أمرهن، يعني طلحة، وذلك أنه لما نزل آية الحجاب قال طلحة: يمنعنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الدخول على بنات عمنا، يعني عائشة رضي الله عنها، وهما من بني تيم بن مرة.
وقوله: أو تخفوه أي: تسروه في أنفسكم، وذلك أن نفسه حدثته بتزوج عائشة رضي الله عنها، فذلك قوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأحزاب: ٥٤] من السر والعلانية، عليما.
ولما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأقارب والأبناء لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ونحن أيضا نكلمهن من وراء حجاب؟ فأنزل الله تعالى قوله: ﴿لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٥] أن يرونهن ولا يحتجبن عنهم، ﴿وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٥] قال ابن عباس: يريد نساء المؤمنين، لأن نساء اليهود والنصارى يصفن لأزواجهن نساء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن رأينهن.
﴿وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٥] يعني العبيد والإماء، وقد تقدم في ﴿ [النور ذكر من يحل للمرأة أن يراها في قوله:] إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾ [سورة النور: ٣١].
الآية واتقين الله أن يراكن غير هؤلاء، ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأحزاب: ٥٥] من أعمال بني آدم، شهيدا لم يغب عنه شيء.
قوله تعالى: {


الصفحة التالية
Icon