عن كفركم وتكذيبكم، وهذا على التبرؤ منهم ومن أعمالهم.
﴿قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا﴾ [سبأ: ٢٦] يعني بعد البعث في الآخرة، ﴿ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ﴾ [سبأ: ٢٦] ثم يقضي ويحكم بيننا بالعدل، وهو الفتاح القاضي، العليم بما يقضي.
قل للكفار، أروني أعلموني الذين ألحقتموهم بالله في العبادة معه شركاء هل يرزقون ويخلقون؟ كلا لا يرزقون ولا يخلقون، بل أي: ليس الأمر على ما أنتم عليه من إلحاق الشركاء به في العبادة الذي يخلق ويرزق، ﴿هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ﴾ [سبأ: ٢٧] في ملكه، الحكيم في أمره.
قوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ {٢٨﴾ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿٢٩﴾ قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ ﴿٣٠﴾ } [سبأ: ٢٨-٣٠] ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ [سبأ: ٢٨] قال ابن عباس: يريد لجميع الخلق وتقدير الكلام للناس كافة.
كقوله: ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ [البقرة: ٢٠٨]، والمعنى: وما أرسلناك إلا للناس عامة كلهم، أحمرهم وأسودهم.
﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [سبأ: ٢٨] قال مقاتل: يعني كفار مكة.
﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [سبأ: ٢٩] يعنون بالوعد العذاب النازل لهم بعد الموت، وإنما قالوا هذا لأنهم كانوا ينكرون البعث، فقال الله تعالى: ﴿قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ﴾ [سبأ: ٣٠] يعني يوم القيامة، وقال الضحاك: يعني يوم النزع والسباق، وهو ميعاد عذاب الكافر.
﴿لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً﴾ [سبأ: ٣٠] لا تتأخرون عن ذلك اليوم، ولا تستقدمون ولا تتقدمون عليه بأن يزاد في آجالكم أو ينقص منه.
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْءَانِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ {٣١﴾ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ ﴿٣٢﴾ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٣٣﴾ } [سبأ: ٣١-٣٣] قوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [سبأ: ٣١] يعني مشركي مكة، ﴿لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْءَانِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ [سبأ: ٣١] يعنون التوراة والإنجيل، وذلك أنه لما قال مؤمنو أهل الكتاب أن صفة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كتابنا، وهو نبي مبعوث، كفر أهل مكة بكتابنا، ثم أخبر عن حالهم في الآخرة بقوله: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ﴾ [سبأ: ٣١] يعني مشركي مكة، ﴿مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [سبأ: ٣١] محبوسون للحساب يوم القيامة، ﴿يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ﴾ [سبأ: ٣١] يرد بعضهم على بعض القول في الجدال، ﴿يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا﴾ [سبأ: ٣١] وهم من الأتباع، للذين استكبروا وهم الأشراف والقادة، ﴿لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ﴾ [سبأ: ٣١] مصدقين بتوحيد الله،


الصفحة التالية
Icon